إذا كان ثمة مفاهيم رئيسية من الحرب في أوكرانيا فهي أنه يجب أن يكون هناك جيش بري قوي ومدرب جيدًا مع الكثير من الأسلحة، وربما يكون هذا هو السبب وراء استمرار “إسرائيل” في الاستثمار في تطوير دبابة المعركة – دبابة الميركفاه بجميع إصداراتها.
في الآونة الأخيرة، عُقد منتدى تعليمي بمشاركة قادة الفرق في “الجيش الإسرائيلي”، تناول الدروس الأولى المستفادة من الحرب في أوكرانيا مقارنة بالدروس التي سيديرها “الجيش الإسرائيلي” في ساحة الشرق الأوسط، وتنص وثيقة أعدت في المنتدى على أنه على الرغم من تغير خصائص الحرب إلا أن عصر الحروب الكبرى لم ينته وأركان الحرب لم تتغير، كان الروس مخطئين في الاعتقاد بأنها ستكون حرب خاطفة وضعيفة، لكن الحرب في أوكرانيا أوضحت أهمية القدرة أو الكفاءة في القتال البري في أراضي العدو والمناورة في العمق، وأهمية القوة النارية التي ترافقها وقوة فتكها.
المضاد للدروع – التهديد الأكبر
الدرس الرئيسي من القتال في أوكرانيا هو أن “الجيش الإسرائيلي” يجب عليه أن يكون دائمًا مستعدًا لسيناريو الحرب القاسي المحتمل، وهذا ما يتعلمه الناتو الآن، وصاغ المنتدى وثيقة تحتوي على قائمة من الإخفاقات، من المعلومات الاستخبارية الإستراتيجية الروسية المفقودة وعمليات القتال على الوعي إلى طريقة استخدام النيران، وبالطبع القدرات اللوجستية والاتصالات.
نقطة رئيسية واحدة وهي جهوزية القوات البرية – وعلى رأس هذه الجهوزية مناورة برية قوية ومؤثرة – وهذا يعني دبابات، ربما تعزز هذه الحرب ما يعتقده “الجيش الإسرائيلي” – أنه ليس هناك إمكانية لإخراج أو استبعاد سلاح المدرعات من المعركة، ومع ذلك يجب أن يخضع لتطويره بمزيد من القوة النارية والمزيد من الدقة وأجهزة الاستشعار. يجب أن يكون سلاح المدرعات شريكًا في المعركة من حيث الاتصال والقدرة على إغلاق دوائر النار على الأهداف مع وجود قوات إضافية في الساحة، وبالطبع يجب أن يكون لديه قدرة دفاعية كبيرة ضد الصواريخ المضادة للدروع، أكبر تهديد للدبابات الروسية غير المحمية.
بعد حرب لبنان الثانية، بدأوا في مديرية دبابة الميركفاه والعربات القتالية المدرعة تطوير نظام التروفي “معطف الريح” “معيل هروح” لاعتراض الصواريخ المضادة للدروع على الدبابات. وزارة الجيش هي الهيئة المسؤولة عن جميع برامج تطوير وإنتاج المركبات المدرعة في “الجيش الإسرائيلي”، بما في ذلك دبابات الميركفاه، وعائلة المركبات القتالية القائمة على ناقلة الجند النمر و ناقلة الجند المدولبة إيتان، وتم إنشاء المديرية في أوائل السبعينيات من قبل الجنرال يسرائيل تال من أجل تطوير وإنتاج أول دبابة “ميركافاه إسرائيلية”، ثم استمرت في تطوير وترقية الأجيال اللاحقة.
النظام الذي اختفى عن أعين الجمهور..
كان العميد غاي فاغلين رئيسًا للمديرية قبل أسبوع، مع نهاية منصبه كانت هذه فرصة للتحدث معه عن واحدة من أكبر المنظمات ولكن غير المرئية التي كان هو يترأسها، العميد فاغلين مهندس إلكترونيات نشأ في سلاح الذخيرة وشغل جميع المناصب في تطوير دبابة ميركفاه، وهو أيضًا ابن عميحاي فاغلين الذي كان ضابط العمليات في منظمة اتسل وقائد اتسل في الهجوم على يافا خلال حرب احتلال فلسطين ومستشار رئيس الوزراء حول “الإرهاب” في عهد مناحيم بيغن كرئيس للوزراء.
اليوم، يتم تطوير دبابة ميركفاه 4، وهي جزء من نظام أسلحة ولم تعد دبابة وحيدة، إنها متصلة بالشبكة وتحمل مجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار لتحديد مصادر إطلاق النار وإغلاق دوائر النار، وأنظمة (الحرب الإلكترونية) لإسقاط الطائرات بدون طيار والمزيد.
مفاهيمنا من القتال في أوكرانيا كما يقول هي أن المناورة المطلوبة لتحقيق النجاح هي القدرة على جمع الأهداف في الطريق إلى الهدف في المنطقة المفتوحة، قبل الوصول إلى منطقة القتال في المدن، هذه حرب غير متكافئة الدبابات أمام مجموعات مضاد الدروع، التحدي هو التعرف على المجموعة التي تطلق مضاد الدروع قبل أن تطلق على الدبابة.
يقول عن الدبابة: “إنها أداة تزن 70 طنًا وتتيح جمع المعلومات الاستخبارية، ودمج المعلومات التي تأتي من أجهزة الاستشعار الموجودة عليها وخارجها وتحويلها إلى أهداف، وفي الوقت نفسه تتيح حماية عالية المستوى للفريق الذي يديرها وقوات المشاة التي تقاتل إلى جانبها، وقد تم تزويدها بأسلحة جديدة مثل قذائف “كلانيت” و”حتساف” لمهاجمة الخلايا في منطقة مفتوحة ومهاجمة مبنى أو منزل بدقة كبيرة على التوالي.
التصور متعدد الأبعاد في ساحة المعركة..
تم دمج الدبابة في نظام “الزناد الذكي” المصنوع من قبل رافائيل والذي دخل الجيش، وهو أول مشروع يطبق المفهوم متعدد الأبعاد في ساحة المعركة، وتتيح هذه التقنية إمكانية الاتصال ومشاركة المعلومات وجمع المعلومات، في شبكة مشفرة وفي الوقت الفعلي، وتربط جميع الذين يجمعون المعلومات والمهاجمين في نظام واحد تمامًا مثل الشبكات الاجتماعية والإنترنت المدني.
إن موظفي المديرية يخوضون حرب عقول تكنولوجية ضد الصين وروسيا مصنعات الصواريخ المضادة للدروع الأكثر تقدمًا في العالم. الهدف هو ترقية وتحسين نظام حماية “معطف الريح”، وملائمته مع التهديدات الجديدة، في نطاقات الكشف والاعتراض والبرمجة وأجهزة النظام.
إنهم يرسمون كل تهديد جديد مضاد للدبابات في الميدان، ويبحثون ويدرسون خصائصه، لذلك هم تابعوا أيضًا المعركة في أوكرانيا، للتحقق ماهي الصواريخ الجديدة المضادة للدروع التي كانت تعمل في الساحة، اليوم جميع الألوية المدرعة النظامية محمية بنظام “معطف الريح”، وسيكون أحد أكبر التحديات هو تحصين ألوية الاحتياط.
أحد التهديدات الجديدة في الساحة، والتي شعر الروس أيضًا جيدًا بها هو استخدام الطائرات بدون طيار الهجومية والانتحارية وحوامات لإلقاء الذخائر، واليوم، يتم أيضًا تطوير استجابة لهذا التحدي، كيف يكتشفون الطائرات الصغيرة بدون طيار وكيف يمكن اعتراضها، أيضًا من خلال الحرب الإلكترونية.
تغيير آخر هو تحويل الدبابة إلى نظام يدمج في المناورات البرية – القدرة على التواصل مع الأدوات المحيطة على الأرض وفي الجو والقدرة على دمج المعلومات الاستخبارية أيضًا من خلال الذكاء الاصطناعي للمعلومات وتحويلها إلى أهداف في ساحة المعركة، 70٪ من “بنك الأهداف” للمناورة يتم إنتاجه خلال المناورة.
عائلة “عاصفة البرق”
وبالنظر إلى المستقبل، يجري تطوير مشروع “Lightning Storm” “عاصفة البرق” – وهو مجموعة من الأدوات من دبابات الميركباه و ناقلات الجند إيتان المدولبة إلى المركبات الصغيرة التي تزن أقل بكثير من الدبابات المحمية بوسائل مختلفة وتعمل معًا، الأنظمة المستقلة التي ستعمل عن بعد وفي المستقبل بشكل مستقل تمامًا هي أيضًا قيد التطوير، لهذا الغرض، لم يتم إنشاء خطوط إنتاج فحسب، بل تم أيضًا إنشاء دار برمجيات لتطوير أجهزة الكمبيوتر الخاصة بتلك الأدوات.
درس آخر تم تعلمه بعد عملية الجرف الصامد بعد الكمين الذي وقع فيه لواء جولاني في حي الشجاعية، والضرر الذي لحق بالناقلات المدرعة القديمة وهو تطوير ناقلة جنود النمر، وتلاها ناقلة “إيتان” – وهي ناقلة جند مدرعة سريعة مدولبة تزن نصف وزن دبابة الميركباه وتحمل جنود مشاة و عليها برجًا بمدفع 30 ملم، ولديها القدرة على إطلاق صواريخ “غيل” على نطاقات عديدة وبدقة كبيرة.
سيبدأ لواء ناحال قريبًا في تجهيز نفسه بناقلة الجند إيتان ثم لواء آخر لم يتم اختياره بعد، تم تثبيت نظام الدفاع المضاد للصواريخ “سهام النيص” “Dorvan Arrow” من صناعة شركة Elbit على ناقلة إيتان. يتطلب تشغيل الناقلة تدريبًا مخصصًا؛ لأن جنود المشاة سيتعين عليه التفكير والعمل مع هذه الناقلة التي تحتوي أيضًا على برج ومدفع مثل المدرعات، هذه هي الأدوات المطلوبة لتحديد التهديدات بسرعة وتحديد أولوياتها للطاقم في الدبابة.
عهد الدبابة لم ينته بعد..
يتم تكييف الدبابة في المعركة الحديثة من حيث الحماية والتسليح والمجسات والقدرة على العمل بالاتصال مع الوسائل الأخرى من حولها في الجو والبر، مع إمكانية مشاركة المعلومات الاستخباراتية وتوزيع الأهداف بين الوسائل او المعدات وأداء مناورة قوية بأقل عدد من الضحايا، يؤكد العميد فاغلين.
درس آخر أثارته الوثيقة التي ناقشت الدروس من حرب أوكرانيا يتناول القدرة على الإنتاج الذاتي وحقيقة أنه لا ينبغي الاعتماد على توريد الأسلحة من الخارج، وقد وضع هذا أوكرانيا في وضع غير متدنٍ للغاية إلى أن بدأ جسر الإمدادات الجوي بالأسلحة إلى الجيش الأوكراني المنهك، وهكذا في مديرية دبابة الميركباه يتم تنفيذ أكثر من 92٪ من الإنتاج لدى “الصناعات الإسرائيلية” بواسطة حوالي 200 مصنع في “إسرائيل” يعمل بها ما يقرب من 10000 موظف، أكثر من 40٪ منهم في الضواحي والمناطق ذات الأولوية الوطنية.
في جيوش العالم وفي “إسرائيل” جرت هناك مناقشات في السنوات الأخيرة حول مسألة ما إذا كان قد حان بعد أكثر من مائة عام نهاية عصر الدبابات، تدور الحروب الحديثة في أربعة أبعاد: الجوي والبحري، والبري، والسيبراني. معظمها غير متماثل، وقد بدأ أيضًا قياس أنظمة الأسلحة من حيث التكلفة مقابل الفائدة وكيف يمكن تحقيق الإنجاز المطلوب في أسرع وقت ممكن. ولكن في جميع التقييمات التي أجريت في السنوات الأخيرة في العالم وكذلك في “إسرائيل” تم تعريف أن المناورة البرية هي حجر الأساس.
لأداء مناورة حقيقية نحتاج إلى آلات حرب قادرة على القيام بذلك، سواء كانت آلات مأهولة أو روبوتات أو مزيج منها في مديرية دبابة الميركفاه وهذا أحد مشتقات التفكير في الجيش مقتنعون بأنه واضح اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الدبابة خاصة مع القدرات العديدة المثبتة فيها، ستظل أداة أساسية حتى في المعركة بين الحروب.
من ناحية أخرى، تجد أوروبا نفسها غير مستعدة وليست كفؤاً للحرب، جميع دول وجيوش العالم تعيد التفكير في جاهزية أنظمة أسلحتها لميدان المعركة المستقبلية كاستنتاج من الحرب في أوكرانيا، هناك أيضًا يجهزون أنفسهم ويطلبون بالطبع “الخبرة الإسرائيلية” وأنظمة الأسلحة المطورة من “الصناعات الإسرائيلية”، وعلى رأسها أنظمة الدفاع ضد الصواريخ المضادة للدروع.
قرر “الجيش الإسرائيلي” الاستمرار في تطوير دبابة الميركباه، ولكن سيتعين عليه أن يسأل نفسه عن عدد الأدوات التي تحتاجها “إسرائيل”، وإذا ما كان هناك بالفعل نظام دفاع فعال حتى ضد الصواريخ أو الطائرات بدون طيار التي تهاجم بزاوية 90 درجة، وإذا ما كانت الدبابة القوية عرضة للطائرات بدون طيار الانتحارية أو أسراب الطائرات بدون طيار، وكيفية الاستعداد لهذا التهديد، وكيفية كشف ومهاجمة خلايا اصطياد الدبابات ومنعهم من تهديد ساحة النشاط.
N12 – نير دفوري
ترجمة الهدهد