سجيل تشويشات شديدة في نظام الـGPS في سماء “إسرائيل”…

تعد سماء شرق البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك فوق “إسرائيل” مركزًا عالميًا لتشويشات الـــــ(GPS)، وفقًا لتحليل البيانات المرئية؛ فحجب أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية ملموساً بشكل رئيسي على سواحل جنوب تركيا وسوريا و”إسرائيل” ولبنان وقبرص.

في الماضي كانوا يُقدرون في “إسرائيل” أن الأنظمة العسكرية الروسية في سوريا هي التي تسببت في التشويشات، لكن من الممكن أن تساهم الوسائل “الإسرائيلية” أيضًا في ذلك.

وزادت التشويشات مؤخرًا بعد ثلاث سنوات من ظهورها لأول مرة في هذه المنطقة، ويشعرون بها بشكل رئيسي في طائرات الركاب وليس في الأنظمة الأرضية وفي المركبات.

وفي يونيو الماضي أصدرت هيئة الطيران المدني “الإسرائيلية” تحذيرًا للطيارين بشأن التشويشات المتوقعة حتى نهاية العام على الأقل. وفقًا للمنظمة الأوروبية للسلامة الجوية من المحتمل أن يكون الاضطراب ناتجًا عن تفعيل أنظمة لمنع هجمات الطائرات بدون طيار.

اعترف وزير الجيش بيني غانتس مؤخرًا بأن “إسرائيل” وجيرانها قد أقاموا نظام دفاع جوي إقليمي أدى بالفعل إلى “إحباط المحاولات الإيرانية لتحدي إسرائيل ودول أخرى في الشرق الأوسط”.

في جلسة استماع في لجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست قال غانتس إن النظام يتعامل مع محاولات إيران مهاجمة دول المنطقة بالقذائف الصاروخية وصواريخ كروز والطائرات بدون طيار.

رداً على سؤال “هآرتس” عما إذا كانت “إسرائيل” تستخدم وسائل مختلفة لتعطيل أنظمة تحديد المواقع لمنع هجمات الطائرات الإيرانية بدون طيار، ذكر الجيش “الإسرائيلي” أنه يعمل بأبعاد متنوعة ضد التهديدات المتنوعة في جميع القطاعات، وفي الساحة الإقليمية هناك العديد من الجهات الأخرى التي تعمل بطرق مختلفة للدفاع عن نفسها إلى جانب إسرائيل”.

مستقبل GPS في الهاتف المحمول أو الطائرة أو السفينة أو السيارة يتلقى في وقت واحد إشارات من عدة أقمار صناعية ويعرف كيف يحسب بواسطتها الموقع الدقيق للجهاز. من الصعب المبالغة في أهمية التكنولوجيا، ولها العديد من الاستخدامات المدنية والعسكرية – بشكل أساسي في أنظمة الأسلحة. غالبًا ما ينبع التضليل عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) من أسباب عسكرية، من رغبة بعض الأطراف في حماية المواقع الإستراتيجية – لنقل مثل الكرملين أو مطار أو قاعدة متقدمة في سوريا من هجوم بسلاح موجه بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، لنقل – على سبيل المثال – طائرة بدون طيار أو صاروخ كروز أو حوامة.

هناك نوعان رئيسيان من تشويش GPS: تشويش واختطاف. الطرف المعادي الذي يريد تشويش أو تعطيل النشاط المعادي والمستمر لمستقبلات GPS يمكن أن يرسل بقوة على نطاق التردد ذي الصلة، ويغرقه ويمنع الجهاز من استقبال إشارة القمر الصناعي – وبالتالي يعيق نشاطه الطبيعي.

في التشويش من نوع الاختطاف، يرسل الطرف المعادي إشارات تحاكي الإشارة الأصلية وتتسبب في إطباق جهاز الاستقبال على المرسل المعادي بدلاً من الإشارة من القمر الصناعي. ومن تلك اللحظة، “يغذي” جهاز الإرسال المعادي جهاز استقبال GPS بتوقيت وموقع مزيفين؛ مما يتسبب في قيام جهاز الاستقبال بحساب موقع غير صحيح وتقديمه إلى الطيار أو قبطان السفينة. يمكن أن يصل الانحراف عن الموضع الحقيقي إلى عشرات الكيلومترات، وقد يتسبب في تغيير القبطان لمساره بشكل غير صحيح.

كشف تقرير شامل من عام 2019 عن آلاف حالات الاحتيال عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) من قبل روسيا كما قامت إيران بمثل هذا العمل – وهو نوع من الهجوم السيبراني البحري للسيطرة على سفينة بريطانية في الخليج العربي.

في حزيران / يونيو 2019 ، اعترفت سلطة المطارات للمرة الأولى بحدوث تشويشات في استقبال أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية في “الأجواء الإسرائيلية”، بعد تراكم شكاوى الطيارين حول الاضطرابات الشديدة في مطار بن غريون. وقال قبطان طائرة “من شركة إلعال”لصحيفة هآرتس في ذلك الوقت أنه كان هناك شيئان يمكن ملاحظتهما في قمرة الطيار : أول شيء هو “الحجب الغبي”، والانخفاض في دقة ملاحة الطائرة. ومؤخراً بدأ نوع من “سرقة” الإشارة مما يجعل الطائرة تظهر في مكان آخر مختلف. إنه ليس حدثًا خطيرًا لكنه مصدر إزعاج. ويضيف: “حدث أن أردت الهبوط في مطار بن غريون وفجأة تلقيت إنذارًا بأنني أقترب من الأرض لأن نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أعتقد أنني كنت في جبال القدس”.

وهكذا بدا الأمر في الوقت الفعلي: عندما تعرضت أنظمة الملاحة في طائرة قطرية أقلعت من عمان شرقًا إلى الدوحة إلى تشويشات شديدة وأظهرت أماكن تواجد خاطئة تمامًا للطائرة – متجهة غربًا، فوق القدس ونتانيا والخضيرة. في حالة أخرى تعرضت أنظمة الملاحة لطائرة إيزي جيت التي أقلعت غربًا من تل أبيب إلى لندن – إلى تشويشات شديدة وعرضت مسار طيران مشوهًا إلى الجنوب، فوق ديمونا ومتسبيه رامون، وسرعة طائرة مقاتلة.

بعد ثلاثة أشهر أعلنت سلطة الطيران توقف التشويشات، وألغت التحذير للطيارين. وقدرت مصادر من المنظومة الأمنية حينها أن روسيا تشغل أنظمة حرب إلكترونية في سوريا لمنع الهجمات المحتملة على قواتها في القاعدة في اللاذقية – وأن ذلك يؤثر أيضًا على الطيران في “الأجواء الإسرائيلية”. يقول العقيد أ. قائد مركز القتال الطيفي في الجيش “الإسرائيلي” في إشارة للجهة المشوشة لأخبار “كان” مع عودة تشويشات GPS في المنطقة “إذا حاولت التشويش على طائرة من الهبوط في مكان واحد، فإنها تشوش على طائرة من الهبوط في مكان آخر”.

يعمل موقع جديد على الإنترنت على رسم خريطة يومية لتشويشات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) التي تتعرض لها الطائرات حول العالم. في السنوات الأخيرة بدأت معظم الطائرات المدنية في استخدام نظام ADS-B المصمم لزيادة سلامة الطيران. من خلال النظام ترسل الطائرة بانتظام وبشكل مستقل هويتها وموقعها الدقيق وارتفاعها واتجاهها وسرعتها إلى برج مراقبة الحركة الجوية والطائرات المحيطة بها. يتم استقبال هذه البيانات أيضًا من قبل مستخدمين على الأرض، وهم من يقفون وراء مجموعة متنوعة من مواقع تتبع الرحلات الجوية التي ازدهرت مؤخرًا على الويب.

ترسل الطائرة المزيد من البيانات، من بينها مستوى دقة أنظمة الملاحة فيها.
جون وايزمان، مهندس في ديزني ومن عشاق الطيران اتصل بأحد مواقع التتبع، وقام ببناء موقع يعرض مستوى دقة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) حول العالم. في الموقع يمكنك أن ترى – بشكل يومي – الأماكن التي تواجه فيها الطائرات تشويشات (باللون الأحمر)، وحيث لا توجد (باللون الأخضر).

-على الخريطة يمكن ملاحظة المناطق التي توجد بها تشويشات دائمة – في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، في ليبيا، وكردستان والقوقاز، وأنقرة وإسطنبول، وموسكو وسانت بطرسبرغ.

ووفقًا لفايسمان، فإن السبب الرئيسي للاضطرابات أو التشويشات هو الإغلاق من قبل أنظمة عسكرية في مناطق الصراع وفي المناطق التي تم فيها نشر أنظمة تعطيل لحماية “الأوليغارشية” الأقليات الحاكمة المتنفذة من الطائرات بدون طيار”.

وبالفعل كشف تقرير صادر عن معهد أبحاث أمريكي عن تشويشات GPS مكثفة من قبل روسيا، بما في ذلك الآلاف من حالات “اختطاف” مواقع السفن المدنية. حيث أبلغت أجهزة الملاحة وكأن السفن تتواجد في قلب مطار بعيد ، نتيجة ثانوية لمحاولة روسية لتعطيل أنظمة الملاحة لحوامات مدنية وحماية المطارات منها. تم كذلك تحديد تشويشات حول مراكز الحكم في روسيا، وقصر بوتين على شواطئ البحر الأسود والقاعدة الروسية في اللاذقية وتشويشات تكتيكية داخل حلقات الأمن الشخصي لبوتين – على سبيل المثال عندما زار شبه جزيرة القرم. كل هذا لمنع الاغتيال باستخدام الطائرات بدون طيار.

ووفقًا لمنظمة السلامة الجوية Eurocontrol، فإن المسؤول الرئيسي عن الارتفاع المفاجئ في تشويشات GPS في شرق البحر الأبيض المتوسط هو أنظمة منع الطائرات بدون طيار المهاجمة. ويتفق هذا الادعاء مع حقيقة أن روسيا نشرت أنظمة مماثلة لحماية قاعدتها من هجمات الطائرات بدون طيار من قبل المتمردين السوريين.

وإلى جانب التقارير التي تفيد بأن “إسرائيل” تتعامل – بوسائل مختلفة – مع تهديد الطائرات الإيرانية بدون طيار. لا يستبعد أن بعض التشويشات مصدرها من أنظمة “إسرائيلية” مماثلة. كما تنشر سلطة الطيران المدني بشكل دوري تنبيهات للطيارين تفيد بأن من المتوقع حدوث تشويشات (GPS)خلال ساعات محددة في تاريخ كذا وكذا، فكيف تعرف السلطات “الإسرائيلية” عن ذلك مقدمًا إذا لم تكن متورطة في ذلك؟

آفي شيرف يانفيف كوفوفيتش – هآرتس
ترجمة الهدهد

اساسياسرائيللبنان