المقدّمة
الحرب العدوانيّة الإسرائيليّة على لبنان كجبهة شمالية لكيان الاحتلال تجلّت في إطارها عدّة محطات وصور وأشكال من المعارك، والتي كانت المقاومة الإسلامية في حزب الله تُطلق عليها تسميات منها:
حرب إسناد غزة
معركة تعمية العدو
معركة إيلام العدو
عمليات خيبر النوعية
ومن أبرز محطات وصور هذه الحرب على الجبهة الشمالية للبنان كانت: معركة «أولي البأس» التي امتدت، بحسب بعض التقديرات، طوال 72 يومًا، من 17-9-2024 حتى 27-11-2024 حين الإعلان عن الاتفاق على وقف إطلاق النار بموجب القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2006.
لقد شكّلت معركة «أولي البأس» — التي أُعلن عن تسميتها رسميًا في 30-10-2024 على لسان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم — محطةً محوريّة في الحرب على الجبهة الشمالية؛ فهي لم تكن مجرّد اشتباك حدودي، بل تحوّلت إلى نموذج مصغّر لحرب تدمج المناورة بالتصعيد الاستراتيجي المدروس. هذه الكفاءة التي ظهرت في معركة «أولي البأس» من جهة المقاومة لم يكن من السهل تحقيقها دون جهد استخباري تكتيكي واستراتيجي دقيق، يُصطلح على تسميته «الاستعلام الميداني»، الذي مكّن المقاومة من اختيار ضرباتها بدقّة عالية ضد الأهداف الإسرائيلية الحساسة وتحديد النقاط الساخنة والتحرّكات أو التموضعَات الإسرائيلية.
إجمالي حصيلة معركة «أولي البأس»
تنوّعت الاستهدافات التي قامت بها المقاومة الإسلامية على طول خطوط الجبهة، وتعدّدت مرّاتها وتوسّعت مروحة أهدافها وآليات عملها. وسنستعرض هنا مجمل إحصائي صادر عن الإعلام الحربي للمقاومة ذات الصلة بالإعلان عن كل عمليّاتها ببيانات لحظيّة ويومية ودوريّة وإجماليّة:
- عدد العمليات العسكرية: 1666
- من ضمنها سلسلة عمليات «خيبر» النوعية: 105
- المعدّل الوسطي اليومي للعمليات: 23
- العمق الجغرافي للاستهدافات: 150 كلم
- العدد المقدّر للمستوطنين النازحين: 300 ألف
- الخسائر البشرية المقدّرة للعدو: +130 قتيل، +1250 جريح
الإستهدافات وعدد مرّاتها وحصيلتها
الأماكن المستهدفة من حزب الله خلال معركة «أولي البأس» ليست المهمة فقط لإدارة العمليات والميدان، بل الأهم هو القدرة على الاستمرار في تكرار الاستهداف لنفس الأهداف وتوسيع هذا الاستهداف نحو مسافات جغرافية وشبكة أهداف أوسع. ونستعرض هنا هذه الاستهدافات وعدد مرّاتها وحصيلتها، وهو ما صدر أيضًا عن الإعلام الحربي للمقاومة:
مستوطنة: +100 (بما يوازي 540 استهدافًا)
قواعد عسكرية: 211 استهدافًا
نقاط عسكريّة: 420 استهدافًا
ثكنات عسكريّة: 111 استهدافًا
مواقع حدوديّة: 147 استهدافًا
مُدن: 142 استهدافًا
مراكز قياديّة/إدارية أو لوجستيّة أو عملياتيّة: 55 استهدافًا
معسكرات تدريب: 14 استهدافًا
مصانع وشركات عسكرية: 17 استهدافًا
مشاغل عسكرية: 1 استهداف
مخازن عسكريّة: 4 استهدافات
قواعد جويّة: 10 استهدافات
مرابض مدفعيّة: 32 استهدافًا
تجهيزات فنيّة: 2 استهدافين
آليّة عسكرية: 76 استهدافًا (59 دبابة، 11 جرافة، 6 آليات)
طائرات مسيّرة: استُهدفت 35 تأكد إصابة 9 منها
دشم وتحصينات: 8 استهدافات
تصدّي لتسلّل: 29 استهدافًا
تصدّي لتقدّم برّي: 31 استهدافًا
حصيلة وحدتي الدروع والهندسة
وحدتا الدروع والهندسة في المقاومة الإسلامية كانتا من الوحدات العسكرية الفاعلة والمؤثرة في مجريات الحرب، وكانت حصيلتهما في معركة «أولي البأس» كما يلي:
دبّابة ميركافا: 59
جرافة عسكرية: 11
مُدرّعة: 2
ناقلة جند: 2
آلية هامِر: 2
عبوات: 20
أنواع الأسلحة والمهمّات في معركة «أولي البأس»
الميدان في معركة «أولي البأس» لم يكن محصورًا جغرافيًا على طول الجبهة الشمالية فقط، بل تعدّاه إلى عمق 150 كلم داخل الكيان الصهيوني، وعرضًا في كل الاتجاهات، وغطّى أيضًا الأجواء في ارتفاعات ومديات عُمقيّة متنوعة. وقد تنوّعت المهام اللوجستية والتكتيكية والحربية لهذه الحرب. ولهكذا ميدان، كان لا بدّ من تنوّع في القدرات المُستخدمة والمهام التكتيكية المنفّذة، والتي يمكن إجمالها بالتالي:
صواريخ كاتيوشا
صواريخ غراد
صواريخ نوعية: سلسلة «فادي» و«قادر»… إلخ
صواريخ بالستية
صواريخ موجهة: أمثال «كورنيت»
مسيّرات استطلاعيّة
مسيّرات انقضاضية
عبوات ناسفة
تفخيخ
كمائن
اشتباك مباشر
تصدّي لتسلّل
تصدّي لتقدّم
قصف مدفعي
قصف صاروخي
انقضاض جوي
استهداف موجه
لقد تجاوز الاشتباك كونه مجرد مناورة تكتيكية ليصبح استراتيجيةً متكاملة للردع غير المتماثل (يشير هذا المفهوم إلى حالة يلجأ فيها الطرف الأضعف إلى وسائل وأساليب غير متوقعة لتحييد نقاط قوة الخصم واستغلال نقاط ضعفه بهدف منعه من اتخاذ إجراء معيّن أو دفعه للتراجع). فالأسلحة والمهام التي نُفّذت لم تكن لفرض الأذى فقط، بل مثّلت بُعدًا استخباريًا-عملياتيًا حاسمًا في الكثير من المواضع، بعدما نجحت المقاومة في دمج القدرات القتالية (صواريخ مضادة للدروع، كمائن… إلخ) مع تكنولوجيا الاستطلاع والمراقبة المتقدّمة (المسيّرات).
أ. تحليل لأسلحة الاشتباك
بحكم الأسلحة المستخدمة والاستهدافات التي تمت، فقد أظهرت معركة «أولي البأس» تحوّلًا نوعيًّا في قواعد الاشتباك:
- توسيع نطاق العمليات إلى عمق وصل إلى 150 كلم داخل الأراضي المحتلة، في محاولة لإرساء معادلة «الردع المحدود».
- كثافة نيرانية غير مسبوقة (1666 عملية عسكرية)، دلالةً على القدرة اللوجستية والتشغيلية للمقاومة، رغم الغارات الكثيفة لسلاح الجو الإسرائيلي واستهداف مقدرات المقاومة.
- منع التوغل البري لجيش الاحتلال وحصره في قرى الحافة الأمامية، ما قلّل من قيمة المدرعات وأجبر العدو على التقدّم ببطء شديد.
- اعتماد المقاومة على تكتيك «حرب الأسراب» من المسيّرات، الذي هدف إلى إغراق دفاعات العدو بكمّية هجوم تفوق قدرة الدفاع.
- التكتيكات الدفاعية والهجومية للمقاومة: التحصين، تجهيز الكمائن، تفخيخ المسارات، مما رفع تكلفة التقدّم البري.
ب. تحليل المهام
إنّ طبيعة المهام التي نفّذتها المقاومة الإسلامية في معركة «أولي البأس» تؤكد أنّ الأولوية كانت للعمليات الجراحية التي تخدم وظيفة جمع المعلومات الاستخبارية وتحقيق أقصى قدر من الفتك بالعدو، وليس للعمليات الواسعة:
قتال التشكيلات الصغرى واستدراج العدو إلى المكمن القتالي، وهذا يتطلب معرفة المسارات والوقت ونقاط ضعف الانتشار.
البيئة تحت الأرض التي تسمح للمقاومة بالخروج المفاجئ والعودة للاختباء السريع، في تحدٍ للاستطلاع الجوي والبري للعدو.
استهداف البُنى العسكرية القيادية واللوجستية للعدو، وهو من أوضح ما يكون للبُعد الاستخباري الهجومي الممنهج (أمثلة: 147 موقعًا حدوديًا، 55 مركز قيادة وتحكّم، 111 ثكنة عسكرية، 211 قاعدة عسكرية… إلخ). هذا التكتيك هو ذروة استغلال المعلومات الاستخبارية عالية القيمة لتوليد تفوّق تكتيكي وربما استراتيجي.
استهداف العدو خلف الخطوط: الأهمية المعلوماتية
يشمل مفهوم «خلف خطوط المواجهة» تجاوز الأهداف التكتيكية (نقاط التماس المباشرة) وصولًا إلى الأهداف الاستراتيجية أو الحيوية في العمق الإسرائيلي (القواعد الجوية والبحرية ومراكز القيادة والسيطرة والوحدات اللوجستية الإقليمية، أو القواعد والثكنات العسكرية والاستخباراتية)، وإلى التجمعات العسكرية المُستحدثة خلف خطوط القتال المباشرة التي كانت تُعدّ محميّة ومحصّنة وغير مشخّصة إزاء التهديدات المباشرة. ومن هنا تكمن أهمية قدرة المقاومة على رصد وتحديد هذه التجمعات والمراكز ووضع الإحداثيات الاستهدافية لها بشكل دقيق والاستمرار في تنفيذ هذه العمليات الهجومية المعقّدة في العمق.
يُعَدّ هذا مؤشرًا حاسمًا على نجاح المقاومة المعلوماتي والتكيّف البراغماتي، ويُظهر أنّ شبكات الاستخبار والتوجيه التي تغذّي غرف العمليات كانت تعمل بمرونة كبيرة بعيدًا عن اعتماد شبكات الاتصال التي تم استهدافها أو اختراقها من قبل العدو الإسرائيلي. وهذا يؤكّد:
معرفة المقاومة متى وأين تستهدف قوات العدو.
وجود نظام فعّال لتدفق المعلومات اللحظية من الجبهة الأمامية.
أنّ المنظومة الاستخبارية التكتيكية لدى المقاومة ظلت فاعلة ومستقلة نسبيًا عن الاختراقات التي طالت بعض شبكاتها.
أنّ الاستمرار في تنفيذ المقاومة عمليات مركبة ونوعية بالصواريخ والمسيّرات رغم التفوّق والإطباق الجوي الإسرائيلي دليل واضح على أنّ نظام الدفاع الجوي للمقاومة نجح في توفير بيئة آمنة نسبيًا لمنصات جمع المعلومات.
- الأهمية الاستراتيجية لضرب العمق الجغرافي للعدو
النجاح الاستخباري الذي قامت به المقاومة في لبنان من خلال كشف التمركزات والقواعد بمختلف أنواعها في العمق الإسرائيلي — والتي شملت، بحسب ما أُطلق عليه، «تصويرات الهدهد» الاستطلاعية للمسيّرات — ثم نجاح المقاومة خلال معركة «أولي البأس» في ضرب الجبهة الداخلية والعمق الاستراتيجي بما في ذلك قصف حيفا وصفد وتل أبيب، مثّل تحطيمًا لركائز أساسية في الأمن القومي الإسرائيلي بواسطة الاستخبار الناجح وجمع المعلومات في الميدان.
لقد ألغت هذه العمليات:
- العقيدة الأمنية الإسرائيلية القائلة بضرورة إدارة الحرب على أرض العدو أو إبقائها بعيدة عن أراضٍ داخل الكيان نظرًا لصغر مساحته الجغرافية.
- فاعلية مبدأ «الحدود الآمنة»، فحوّلت العمق الاستراتيجي الإسرائيلي إلى ساحة من ساحات المواجهة.
- صمود الجبهة الداخلية، حيث ساهمت العمليات في تشقّقها، وهي الجبهة التي تمثل ثقلًا استراتيجيًا في نتائج الحروب الإسرائيلية، ما اضطر الكيان إلى تحويل جزء كبير من موارده الدفاعية لتعزيز صمودها.
- المعلومات في خدمة استهداف البُنى القيادية الخلفية
أوضح دليل على نجاح المقاومة في الاستخبارات والاستطلاع والمراقبة تمثل في نوعية الأهداف التي استهدفت بنجاح خلف الخطوط. ومن الأمثلة:
- قاعدة «رمات ديفيد» الجوية، على بُعد 50 كيلومترًا من الحدود اللبنانية — الفلسطينية، ويدلّ ذلك على قدرة استطلاعية طويلة المدى وموثوقة في تحديد وتحديث إحداثيات مواقع حسّاسة.
- قاعدة «شمشون»، مركز تجهيز قيادي ووحدة لوجستية إقليمية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي؛ فهذا الاستهداف يمثّل استهدافًا وظيفيًّا لتعطيل قدرة سلاح الجو على الإسناد اللوجستي والقيادي على المستوى الإقليمي، ويتطلّب وجود خرائط أو ما يُصطلح عليه باستخبارات الصور والإشارة.
إنّ حجم الاستهدافات الشاملة للمقاومة — والتي بلغت نحو 55 مركز قيادة وحوالي 211 قاعدة عسكرية و10 مطارات وغيرها — خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا (قرابة شهر في بعض المراحل) يشير إلى أنّ المقاومة كانت تدير أيضًا حربًا استخبارية تهدف إلى إضعاف البنى العسكرية الإسرائيلية على نطاق استراتيجي واسع خلف خطوط المواجهة المباشرة.
- استهداف تجمعات الإسناد والتموضع التكتيكي
أظهرت المقاومة كفاءة عالية في الرصد الآني والتوجيه الدقيق الميداني، ومعرفة دقيقة بالتضاريس وبحركة القوات المعادية، وتجلّى ذلك بوضوح في:
- استهداف تجمعات جنود الجيش الإسرائيلي حتى لو كانت تجمعات صغيرة.
- نجاحات الكمائن ضد القوات البريّة المتقدمة.
- استهداف عمليات بناء القوة وإعادة التزويد بالوحدات خلف الحدود وتجمعات الإسناد الخلفية.
- استهداف لحظات الاستبدال والتجهيز.
ومن تداعيات هكذا استهدافات:
- استنزاف نوعي للقوات الإسرائيلية.
- إثبات رصد المقاومة الدقيق للوحدات النخبوية خلف خطوط التماس.
- تأكيد التطور النوعي في قدرات الأسلحة لدى المقاومة والتي تُستخدم لترجمة هذه المعلومات إلى إصابات دقيقة خلف الخطوط (صواريخ «فادي» و«قادر» و«نصر» + المسيّرات) القادرة على تجاوز الطبقات الدفاعية الجوية الإسرائيلية بهامش خطأ محتمل يبلغ نحو 5 أمتار بالنسبة للصواريخ.
الخلاصة
كانت مبادرة حزب الله في 8-10-2023 لإسناد غزة في وجه الحرب الإسرائيلية عليها عملًا يمكن استخلاص بعض العِبَر منه:
استباقي في وجه من وجوه المواجهة؛ فالفهم العسكري الصحيح للقضية يضع في الاعتبار تفويت الفرصة على العدو الصهيوني لشن عدوان مباغت على لبنان وفتح جبهة الشمال.
إسقاط عنصر المفاجأة من يده، كون الجهوزية أُعلنت والخطط وُضعت على الطاولة.
كما كانت هذه الحرب أيضًا إسقاطًا لفكرة العدو في إدارة الحرب على أرض أعدائه، من خلال نجاح مبادرة المقاومة في نقل المعركة إلى أرضه بطريقة عكسية، وإعلان سلطات الاحتلال في سابقة تاريخية إخلاء مستوطنات الشمال من ساكنيها.
واستخدمت المقاومة الإسلامية في لبنان في هذه الحرب الأدوات والمعادلات التالية:
الردّ الصاروخي الجبهوي وفي العمق.
تعمية العدو على الحدود من خلال ضرب استشعاراته التجسسية.
المسيّرات الانقضاضية والاستطلاعية فيما عُرف بـ«تصويرات الهدهد» الكاشفة لكثير من خفايا العدو.
الاستطلاع الميداني لخطوط الخلف للعدو.
الحرب السيبرانية في خرق واستجلاب المعلومات من داخل مواقع العدو ذات الصلة بقدراته ومؤسساته، لا سيما ذات الطابع العسكري والأمني.
وكانت التكتيكات الميدانية وفي إدارة المعركة من قبل حزب الله تعتمد على:
الهجمات المفاجئة والسريعة والانسحاب لتفادي الهجوم المضاد.
قصف صاروخي مكثف.
قصف مدفعي دقيق.
كمائن وتفخيخ المسارات المفترضة.
استهداف المنشآت الجبهوية.
تشويش استعدادات العدو عبر استهداف أماكن التجمّع خلف الحدود وخلف الخطوط وداخل الأراضي اللبنانية.
صدّ محاولات التقدّم والتوغل والتسلّل.
القتال التصادمي.
ضرب عمق العدو الجغرافي وبشكل دقيق.
إدارة الميدان عبر التنسيق العملياتي بين مختلف الاختصاصات التي تخوض الحرب.
والأهمّ من ذلك هو القدرة على التنفيذ بعد التخطيط والاستطلاع وجمع المعلومات من خلف خطوط النار. وأكّدت معركة «أولي البأس» أن المقاومة قادرة على:
التكيّف والترميم وتحمّل الخسائر على كل المستويات القيادية واللوجستية والبشرية؛ وقد مثّلت المعركة في بُعدٍ من أبعادها تفوقًا استخباريًا قد يعادل، من جهة ما، خسارةً في بُعدٍ آخر مثل أمن الاتصالات والقيادة.
إدارة صراع طويل بعقلية حديثة.
دمج الاستخبارات البشرية والتقنية في عمليات معقّدة وعلى نطاق استراتيجي.
امتلاك عمقٍ استراتيجي في ميزان القوة المعلوماتية والبيانات الدقيقة؛ وقد صرّح حاييم تومر، رئيس المخابرات والعمليات السابق في الموساد، أواسط 2024 بأنّ حزب الله يمتلك «استخبارات تكتيكية أفضل من إسرائيل»، أو على الأقل «ليس أقل شأنًا منها».
ورغم إحداث العدو الإسرائيلي اختراقات أمنية استراتيجية في جسم المقاومة، حافظت الأخيرة — كما ظهر في معركة «أولي البأس» وما قبلها — على تفوّقها التكتيكي في الميدان. واستثمرت بفعالية في الاستخبار البصري التكتيكي عبر المسيّرات والاستطلاع البشري الميداني الجبهوي، ونجحت في بناء منظومة استعلام ميدانية قادرة على العمل بفعالية نسبية، في إطار نضجٍ عملياتي عبر الدمج بين الاستعلام الميداني وتوجيه النيران.
إنّ نجاح المقاومة في الاستعلام عن حركة القوات الإسرائيلية له تداعيات عميقة على العمق الإسرائيلي الشمالي بشكل خاص؛ فاقتران هذا النجاح بقدرة المقاومة على إطلاق الصواريخ والمسيّرات نحو قواعد ومطارات إسرائيلية في العمق يمنع إسرائيل من اعتبار أي منطقة شمالية آمنة، مما يُشكّل تحديًا مستمرًا لاستراتيجيتها في الردع.
ابراهيم شمس الدين – مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير