ما إن انتهى ما قد يكون أصعب أيّار يمرّ على الكيان الاستعماري الإسرائيلي منذ إعلان قيامه، حتى ظهرت علامة أخرى من علامات مسار أفول الكيان وتحوله إلى دولة مارقة ومعزولة؛ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يهدد لأول مرة قبل أيام بالانفصال السياساتي حول الملف الإيراني مع الولايات المتحدة، إذا ما عادت الأخيرة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015: «إذا توجب علي الاختيار بين صديقتنا العظيمة الولايات المتحدة وإزالة خطر وجودي، فإزالة الخطر الوجودي هو ما سيغلب».
لم ينشأ هذا الشعور المفرط بالأحقية ولعِب دور الضحية لدى دولةٍ تمتلك السلاح النووي من فراغ، بل نشأ في ظلّ منظومة نووية عالمية وإقليمية وصفت بالـ«كافكيّة».[1] منظومة منحت «إسرائيل» غطاءً للدخول مؤخرًا في مغامرات عدوانية وتنفيذ اغتيالات وهجمات سيبرانية ضد إيران، مواصلةً بذلك سلسلة اعتداءات ارتكبتها سابقًا، مثل قصفها عام 1981 مفاعل تموز النووي العراقي المخصص لأغراض سلمية، وهو العدوان الذي وصفه رئيس الوزراء السابق مناحيم بيغن بالـ«عمل عالي الأخلاقية من أجل إنقاذ الدولة اليهودية من محرقة أخرى».[2] كما دعمت «إسرائيل» الولاياتِ المتحدة في حصار العراق وغزوه بذريعة البحث عن أسلحة دمار شامل. فضلًا عن قصفها المفاعلَ السوري في دير الزور عام 2007.
ولفهم هذه المنظومة بشكل سليم، فإنه ينبغي التنبّه إلى أن «إسرائيل» لا تقوم بأفعالها هذه «على الرغم» من أنها دولة نووية، بل «لأنها» دولة نووية واستعمارية وتوسعية، فقد اعتادت اتخاذ قرارات عدوانية لمواجهة أي محاولات لكسر احتكارها النووي. وهكذا، فإنه لا يجب البحث -بسذاجة- عن المخالفات القانونية النووية لإيران أو العراق أو ليبيا، بل يجب الرجوع إلى أصل البلاء؛ البرنامج النووي الذي انطلق في كنف الاستعمار ونَضج في أعقاب النكسة، التي يمكن من خلال الرجوع إليها فهم تاريخ القدرات النووية الإسرائيلية والمعنى الاستراتيجي الأعمق والأوسع لعصر ما بعد النكسة.
المستعمرة الخداج والحاجة لجدار الردع
نشأت «إسرائيل» في فترة حسّاسة بين نهايات العصر الاستعماري وبدايات العصر الذرّي. وقد أدركت القيادة الصهيونية منذ ما قبل حرب 1948 أنها لا تملك القدرات المادية التقليدية الكافية للتخلص من السكان الأصليين والمضي بالمشروع الاستعماري، مثلما حدث في شمال أمريكا وأوقيانوسيا.
يقول أفنير كوهين، المؤرخ البارز في المجال النووي الإسرائيلي، عن دوافع مؤسسي البرنامج النووي (دافيد بن غوريون، وشمعون بيريز، وإرنست ديفيد بيرجمان): «كانت القوة النووية هي ما سيمكن «إسرائيل» من تعويض نقاط الضعف الطبيعية في المجالات المدنية والعسكرية: النقص في الموارد الطبيعية وفي تعداد المقاتلين العسكريين».[3] وقد عرَف مؤسسو المشروع الصهيوني -وهم ذاتهم مؤسسو البرنامج النووي- كلفة إقامة مستعمرتهم في مساحة ضيقة وارتكاب تطهير عرقي بحق سكانها، مع الحفاظ على هذه المستعمرة وتطبيع وجودها في محيط عربي خلال عقود قليلة، وهو ما جعل للسلاح النووي أهمية استثنائية عندهم، خصوصًا في مواجهة السلاح الديمغرافي العربي.
لم يكن السلاح النووي ضمانة يحتاجها الاستعمار لفرض استمراره فحسب، بل وكان السلاح بحاجة للاستعمار أيضًا من أجل إدخاله إلى المنطقة. ففي الخمسينات لم يكن قد تبلور بعد نظام دولي يدين ويتحكم في انتشار الأسلحة النووية، وكانت القوى الاستعمارية؛ الآفلة منها كفرنسا وبريطانيا، وتلك الصاعدة كالولايات المتحدة، هي المسؤولة عن الانتشار النووي في العالم الثالث، عبر إجراء التجارب النووية التفجيرية في أراضي السكان الأصليين، ونهب اليورانيوم من المستعمرات،[4] وإقامة البنى النووية التحتية ومنصات الإطلاق فيها، فضلًا عن التعاون النووي مع أنظمة عنصرية مثل نظام جنوب إفريقيا.
أما «إسرائيل»، فقد تمكنت من بناء قدراتها النووية من خلال طريقين؛ الأول علني عبر التعاون الدولي لبناء التطبيقات السلمية، والثاني سريّ من أجل بناء القدرات العسكرية. خطّ الطريق الأول مساره ضمن برنامج «الذرّة في خدمة السلام» الذي دشّنه الرئيس الأمريكي دوايت آيزنهاور عام 1953، والذي أتاح لـ«إسرائيل» بعد عامين من ذلك توقيع اتفاقية ثنائية مع الولايات المتحدة في عام 1955 لبناء مفاعل «ناحال سوريك» ذي الأغراض السلمية. كما تمكّنت «إسرائيل»في ذات العام بعد مشاركتها في مؤتمر جنيف من أجل الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية من رفع السرية عن معلومات تقنية وعلمية كانت محدودة التداول منذ «مشروع مانهاتن».[5]
ولم يكن التعاون الدولي المعلن عنه أقل «خطورة» أو «استعمارية» من العمل السري العسكري؛ فالعلاقات النووية الدولية، العلمية منها والتقنية، كانت وما زالت في صميمها علاقات ما بعد استعمارية بين المتروبول اليورو-أمريكي، ومستعمرات المواد الخام حيث يُستخرج اليورانيوم، ومستعمرات المستوطنين حيث تدخل التكنولوجيا. إن الانتشار النووي الاستعماري في العالم الثالث عدائيٌّ حتى لو ارتدى لباس السلميّة، وليس أدلّ على ذلك من اعتراف بيرجمان نفسه: «عند تطوير الطاقة النووية للاستخدامات السلمية يصبح لدينا الخيار النووي [العسكري]. ليس هنالك نوعان من الطاقة الذرية».
إلا أن هذا لم يكن كافيًا لـ«إسرائيل» التي احتاجت تعاونًا أكثر استعمارية وعسكرية، وقد وجدت ضالتها في فرنسا التي كانت تحاول بدورها الحفاظ على مستعمرتها الاستيطانية في الجزائر. وقد وصل التعاون النووي الاستعماري بين الطرفين حدّ منحِ الإسرائيليين حرّية الولوج إلى معلومات التجارب النووية التفجيرية الفرنسية التي أجريت -بصفاقة تامة- في صحراء الجزائر خلال حرب الاستقلال.[6] وفي 1956 بدأ الشريكان الخارجان حديثًا من العدوان الثلاثي على مصر ببناء مفاعل ديمونا مع محطة معالجة لإنتاج مادة البلوتونيوم النووية الصالحة للتسلح النووي،[7] وقد أصبحت ديمونا حينها «مستعمرة» من المهندسين والعلماء النوويين الفرنسيين.
ظل هذا التعاون سريًّا طيلة أربعة أعوام تقريبًا، حتى كشف عنه الإعلام الغربي أواخر 1960، ما أثار الجانب العربي، خصوصًا في مصر، حيث تحدث جمال عبد الناصر عن إمكانية الدخول في حرب استباقية لضرب القدرات النووية الإسرائيلية وتدشين برنامج نووي عسكري مصريّ.[8] وقد تكرر في السنوات اللاحقة مثل هذا الخطاب في الإعلام ودوائر السياسة المصرية والعربية.
خشيَت الولايات المتحدة حينها من تأجج صراع أو سباق تسلحٍ لا تحمد عقباه في الشرق الأوسط، ما قد يفيد خصومهم السوفييت ويقوض الجهود الأمريكية في بناء منظومة دولية تسمح لها باحتكار السلاح النووي شمال الأطلسي، بعد أن أسست عام 1957 الوكالةَ الدولية للطاقة الذرية استكمالًا لسياسة «الذرّة من أجل السلام». وعليه فقد ضغطت إدارتا كينيدي وجونسون على «إسرائيل» من أجل السماح لمفتّشين أمريكيين بالدخول إلى ديمونا، لكن الجهود الأمريكية كانت غير فاعلة ما مكّن بن غوريون، وبعده ليفي أشكول، من إخفاء البرنامج العسكري بسهولة لبعض سنوات عن المفتش الأمريكي.[9]
من سحابة فطر في سماء سيناء إلى «التسوية النووية السلمية»
مع فشل الجهود الدبلوماسية الامريكية في كشف نشاطات «إسرائيل» ووقفها، ومع فشل عبد الناصر خلال السنوات 1961-1966[10] في تطوير قدرات نووية وباليستية رادعة، لم يبقَ إلا خيار المواجهة الشاملة مع «إسرائيل» قبل تمكّنها من تطوير قدراتها النووية. وفي أيّار 1967 حلّقت طائرات مصرية في طلعات استطلاعية فوق مفاعل ديمونا، وذكرت عدة تقارير أن هذه العملية الاستطلاعية كانت، إلى جانب إغلاق مضيق تيران وانسحاب قوات حفظ السلام، إحدى الأسباب التي جعلت «إسرائيل» توجه ضربة عسكرية استباقية في حزيران من العام نفسه.
وتزعم جهات إسرائيلية أن قواتها كانت قبل الحرب تسابق الزمن من أجل تركيب أجهزة نووية قابلة للتفجير في شبه جزيرة سيناء كجزء من خطة طوارئ في حال مُنيت «إسرائيل» بهزيمة عسكرية تقليدية، وذلك لمفاجأة القوات العربية وإيقاف تقدمها ودفع الأمريكيين والسوفييت للتدخل في وقف النزاع. لكن الهزيمة أصابت الجيوش العربية فلم تُنفّذ الخطة.
بعد الحرب، انتهى الجدل بين أنصار مدرسة الحرب التقليدية وأنصار البرنامج النووي العسكري في المؤسسة الحاكمة الإسرائيلية، وصار هناك إجماع على أن الحفاظ على مكتسبات الحرب يتطلب تخصيص كافة القدرات المادية اللازمة، بما فيها النووية.[11] وقد اكتسب الكيان الإسرائيلي عمقًا غير مسبوق داخل الأراضي العربية، ما جعل تطوير القدرات النووية أولوية لديه دون الحاجة للإعلان عن تلك القدرات.[12]
في الأثناء، بدأت إدارة جونسون بالضغط على «إسرائيل» للانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي،[13] لتنتج لاحقًا واحدة من أسوأ الانحيازات في تاريخ الدبلوماسية النووية؛ تفاهمات ريتشارد نيكسون-جولدا مائير عام 1969. جاءت هذه التفاهمات بسبب سياسات نيكسون الأكثر سلاسة مع الانتشار النووي في الدول الصديقة خلال الحرب الباردة.[14] وبموجب هذه التفاهمات توافق الطرفان على سياسة «الغموض النووي» التي تتيح لإسرائيل إبقاء نشاطاتها سريّة، وتصنيع وتركيب الأسلحة النووية على أن تتعهد بعدم إجراء تجارب نووية تفجيرية.[15] وتحت هذا الغطاء الدبلوماسي الأمريكي، تمكنت «إسرائيل» من تطوير قدراتها النووية العسكرية دون أن يعيق ذلك أية ضغوط سياسية دولية.[16]
عربيًا، أعلنت قمة اللاءات الثلاث في الخرطوم عام 1967 عن استكمال نهج المواجهة مع «إسرائيل»، فتقرر سياسيًا عدم الاعتراف أو التفاوض أو السلام مع «إسرائيل»، أما استراتيجيًا فتقرر «ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة لدعم الإعداد العسكري، لمواجهة كافة احتمالات الموقف». لكن سلوك الدول العربية على طاولة التفاوض في الأمم المتحدة عام 1968 بشأن مسودة معاهدة منع الانتشار النووي أظهر ميلها نحو تجنب المواجهة الشاملة، والجنوح إلى الحلول الدبلوماسية للمشكلة النووية الإسرائيلية.
وقد كان لتبني اتفاقية منع الانتشار النووي، تأثير رئيسي في إعادة تشكيل العالم خلال الحرب الباردة، حيث روّج الأمريكيون والسوفييت للاتفاقية لأنهم كانوا يعملون على إقامة منظومة دولية جائرةٍ وطبقية تشرعن امتلاك ومراكمة واحتكار الطاقة والأسلحة النووية من قبل بضعة دول، مقابل حظرها على دول أخرى، على رأسها دول العالم الثالث. وقد وصف ممثل جمهورية ألبانيا الشعبية (دولة عدم انحياز) لدى الأمم المتحدة هذه الاتفاقية بالمؤامرة المعدّة من قبل «الإمبرياليين الأمريكيين والرجعيين السوفييت» ضد الشعوب والدول التي تكافح من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية.[17]
كما وصفها ممثل الأردن لدى الأمم المتحدة خلال المفاوضات بطريقة أورويلية: «إن أكثر ما تمثله هذه الاتفاقية هو أن كل الدول متساوية، لكن الدول النووية أكثر تساويًا من الدول الأخرى»، وتساءل عن ماهية ضمانات الدول العظمى في ضوء: «احتلال «إسرائيل» لأكثر من نصف بلادي، ونيّتها السيئة في الإبقاء على تلك المناطق بكافة الطرق وبأي ثمن»، مضيفًا: «نحن ندرك أن تلك المفاعلات المبنية مقابل حدودنا قادرة على إنتاج ما يكفي من البلوتونيوم من أجل بناء قنبلة واحدة على الأقل في السنة».[18]
ورغم هذه المحاذير، وقّعت المعاهدةَ ثلاثُ دول عربية أساسية في الصراع مع «إسرائيل»، هي الأردن وسوريا والعراق. ثم انضمّت مصر إلى المعاهدة عام 1981، بعد أعوام قليلة من توقيع اتفاقية كامب ديفيد. ويمكن تفسير التوجه العربي نحو «الدبلوماسية النووية» والثقة بضمانات مروجي المعاهدة الأمريكيين والبريطانيين والسوفييت بالضغط على «إسرائيل» للتخلي عن ترسانتها، بأن التهديد النووي الإسرائيلي صار أمرًا واقعًا لا رجعة عنه،[19] ولا يمكن التخلص منه عبر مواجهة تقليدية، خصوصًا بعد تراجع القدرات المادية العربية بعد الحرب.
عن الحياة العربية في عصر «إسرائيل» الذري
ينسحب تأثير معاهدة منع الانتشار النووي على تشكيل المنطقة العربية (أو إعادة تثبيت تشكلها) بعد عدوان حزيران 1967. فقد تمكنت «إسرائيل» من إعادة كتابة قواعد المجتمع الدولي، إذ لم يُعترف بها كدولة نووية على غرار الدول الخمس: الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، ولا كدولة غير نووية، بل صار لها تصنيف خاص بها: دولة مالكة للسلاح النووي خارج إطار معاهدة منع الانتشار.
وقد تغيّر الصراع العربي الإسرائيلي جذريًا بعد النكسة بشقّيه التقليدي والنووي، وتجلّى ذلك في حرب أكتوبر 1973، حيث لم يستبعد بعض الخبراء أن الردع النووي الإسرائيلي كان عاملًا أساسيًا وراء التخطيط لجعل المعركة محدودة.[20]
وما إن هدأ صخب المدافع (العربية فقط) حتى تقاطع مسارا التسوية السياسية والنووية، فتبنّت كل من مصر وإيران عام 1974 مقترحًا لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. ثم أصدرت الدول المشاركة في المؤتمر الخامس لمراجعة معاهدة منع الانتشار عام 1995 قرارًا أمميًا بإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، وذلك في جوّ من التفاؤل بإمكانية التوصل إلى تسوية سلمية سياسية مع «إسرائيل»، في أعقاب مؤتمر مدريد واتفاقية أوسلو. وبعد عامٍ واحدٍ جاء الرد الإسرائيلي على هذه المبادرة على لسان إيهود باراك، عندما قال «إن السياسة النووية الإسرائيلية، كما هي في عيون العرب لم تتغير ولن تتغير ولا يمكن أن تتغير، لأنها موقف أساسي بشأن مسألة نجاة الجميع لعقود قادمة».[21]
وطوال العقود اللاحقة، قام السلوك التفاوضي الإسرائيلي والأمريكي والغربي على التهرب والمماطلة، ومن ذلك -مثلًا- إفشال حلفاء «إسرائيل» تبنّي وثيقةٍ ختامية في المؤتمر التاسع لمراجعة المعاهدة عام 2015، لأنها تضمّنت بنودًا تطالب بعقد مؤتمر أممي لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط من دون موافقة «إسرائيل». وقد وصل الانحياز والابتزاز الأمريكي حدّ قيام إدارة دونالد ترامب بنشر ورقة عمل عام 2018 بعنوان «تأسيس الظروف من أجل شرق أوسط خالٍ من أسلحة الدمار الشامل»، طالبت فيها الدولَ العربية بتطبيع العلاقات مع «إسرائيل» قبل الانخراط في أي مفاوضات نووية معها (أي السلام مقابل التحدّث -فقط- عن البرنامج النووي الإسرائيلي)، وكان ذلك بالتزامن مع الإعلان عن صفقة القرن التي كانت عمليًا خطةَ فصلٍ عنصريّ بحلة خطة سلام.
بكلمات أخرى، عملت «إسرائيل» حثيثًا خلال العقود الماضية على بناء إقليم جيوسياسي يناسب مقاسها، بحيث يوضع الحيز العربي كله تحت شروط الاحتلال وضمن أمدية رؤوسه النووية، وذلك عبر تكريس لاءات ثلاثة خاصة بها: لا لعودة اللاجئين، ولا للانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، ولا للتخلي عن التفوق الاستراتيجي بما في ذلك السلاح النووي ذو الطابع الإباديّ.
لكن الأحداث الأخيرة في أيّار الفائت أظهرت أن النكسة والنكبة ليستا قدَرًا أبديًا. فقد ثبت أن الردع النووي الإسرائيلي المصمم ضد الجيوش النظامية قد لا يصلح في حال المواجهة مع الفاعلين العسكريين من غير الدول في غزة وجنوب لبنان. والأهم من ذلك أن هذا الردع، النووي وغيره، لم يتمكن من كبح الانتفاضة الشعبية الشاملة ضد المستعمر.
فخري الصرداوي – حبر
الهوامش
[1] Herman, E. and Peterson, D. (2012) «The Iran «Threat» in a Kafkaesque World». Journal of Palestine Studies 42 (1): 24-45.
[2] Beres, L. (1986). «Security or Armageddon: Israel’s Nuclear Strategy». Shofar, 4(4), p29.
[3] Cohen, A. (1998). Before the Beginning: The Early History of Israel’s Nuclear Project (1948–1954). Israel Studies, 3(1), p115.
[4] استخدم اليورانيوم المنهوب من الكونغو في القنبلة التي ألقيت على هيروشيما.
[5] Ibid. p134.
[6] Cohen, A. (1998). Israel and the bomb. Colombia University Press. New York, Chichester, West Sussex, pp. 82-83.
[7] هنالك مادتان نوويتان تستخدمان في صناعة الأسلحة، يورانيوم 235، والذي يتم التنقيب عنه وتحويله وإدخاله إلى دورة الوقود النووي لتخصيبه حتى يصل درجة من النقاء كافية لوضعه في السلاح. والبلوتونيوم 239، والذي يتم تصنيعه بكلفة أرخص من خلال إعادة معالجة الوقود النووي وفصل البلوتونيوم والذي يعتبر أكثر نقاء من أجل انتاج أسلحة أقل وزنًا.
[8] 38- Levité, A., & Landau, E. (1996). Arab Perceptions of Israel’s Nuclear Posture, 1960–1967. Israel Studies, 1(1), 38-39
[9] Maddock, S (2010). Nuclear Apartheid: The Quest of American Supremacy from World War II to the Present. The University of North Carolina Press, Chapel Hill. p233.
[10] Levité, A., & Landau, E. Op Cit. pp42-44.
[11] Cohen, A. Israel and the bomb. p283
[12] Ibid. p284.
[13] Ibid. p314.
[14] Ibid. p283.
[15] رغم تعهد «إسرائيل» عدم إجراء تجارب النووية، يُشتبه في إجرائها تفجيرًا نوويًا في عام 1979 المحيط الهندي، من خلال قمر اصطناعي أمريكي، أثناء إدارة كارتر، إلا أنه قرر التغطية على الموضوع. هنالك ملف كامل عن هذه المسألة في فورين بوليسي.
[16] Ibid. pp. 335-334.
[17] United Nations General Assembly, 22nd Session, First Committee, 1560th Meeting, May 1968. Official Records.
[18] United Nations General Assembly, 22nd Session, First Committee, 1573th Meeting, May 1968. Official Records.
[19] Levité, A., & Landau, E. Op Cit. p35.
[20] Ibid. p37.
أدى دخول العالم العصر الذري بعد الحرب العالمية الثانية إلى تغير تصرفات الدول، بالأخص الدول العظمى، في المجال الحرب والدبلوماسية. اختفى في هذا العصر مفهوم الحرب الشاملة (Total War) والتي تستمر حتى القضاء على طرف وتفكيك منظومته السياسية، وحل محله مفهوم الحرب المحدودة (Limited War)، وهي الحروب التي تهدف إلى تحقيق أهداف استراتيجية وسياسية دون القضاء على الخصم، وهذا التغيير قد طرأ على الجانب العربي في الصراع مع «إسرائيل» التي طورت هذا الرادع في وجه الجيوش النظامية العربية.
[21] Steinberg, G. (1996) «Middle East Peace and the NPT Extension Decision». The Nonproliferation Review 4(1): p24.