لا شك أنك مررت بهذه التجربة من قبل: لقد تناولت 3 أطباق من وجبة لذيذة في مطعمك المفضل وتشعر أنه لا يمكنك تناول لقمة أخرى، ولكن بعد كل ما تناولته من طعام توجهت إلى السينما لمشاهدة فيلم وبمجرد أن شممت رائحة الفشار شعرت بالحاجة إلى الحصول على علبة منه. إن الحقيقة وراء ما حدث معك هي أنك معتاد على الإفراط في تناول الطعام. وهذا يعني أنك من الأشخاص الذين لا ينفكون عن تناول الطعام في الأعياد وكنت من فئة الأطفال الذين ينهون كل ما في الطبق حتى يحصلوا على الحلوى. والآن بعد أن أصبحت والدًا، غالبًا ما تجد نفسك تأكل بقايا الطعام في طبق طفلك حتى لا يُهدر شيء منه.
كيف تعرف أنك تفرط في تناول الطعام؟ وفقًا للمعهد الوطني للشيخوخة، يعتمد ذلك على عمر الشخص وجنسه وطوله ومستوى نشاطه. يمكن أن تتراوح آثار تناول الطعام بانتظام بعد الشبع من الانزعاج قصير المدى مثل الغازات والانتفاخ وعسر الهضم إلى الحالات الصحية المزمنة والأمراض مثل مرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب والسكتة الدماغية (حسب موقع هيلث لاين).
يعد الإفراط في تناول الطعام من حين لآخر أمرًا طبيعيًا ولا يعد ذلك مدعاة للقلق، ولكن إذا وجدت نفسك تلتهم الطعام بانتظام فاحذر. تابع القراءة لتعرف ما يحدث لجسمك عند تناول الطعام بعد الشبع بانتظام، وماذا تفعل إذا أفرطت في تناول الطعام، مع بعض النصائح التي من شأنها أن تساعدك على التوقف عن الإفراط في الأكل.
حقيقة طريفة: تستوعب معدة شخص بالغ حوالي 1 لتر أو 4 أكواب من الطعام، ولكن يمكن أن تتمدد لتستوعب ما يصل إلى 3 إلى 4 لترات أو 1 غالون من الطعام، وذلك حسب ما ورد في موقع بيدمونت هيلث كير. وهذا يعادل الكثير من الطعام.
وفقا لجامعة ولاية كولورادو، حتى بعد الشعور بأنك ستنفجر بعد الإفراط في تناول الطعام، فإن معدتك ستعود إلى حجمها الطبيعي بفضل غُضون المعدة. تتمثل وظيفة الغُضون في السماح للمعدة وغيرها من الأنسجة بالتمدد عند الحاجة لذلك. وعند عدم امتلاء المعدة، تكون الغُضون عبارة عن ثنايا في النسيج. وعندما تأكل كثيرا، تسمح الغضون للمعدة بالتمدد والانكماش لاستيعاب الطعام الوارد. ومع أن معدتك لن تتمدد بشكل دائم، إلا أنها ستعتاد على التوسع بما يتجاوز ما تحتاجه – ما يبقيك للأسف في دائرة مفرغة من الإفراط في تناول الطعام.
وفقًا لموقع ويب ميد، فإن اختلال توازن هرمون الغريلين واللبتين، المعروف باسم هرمونات الجوع، قد يساهم أيضًا في الإفراط في تناول الطعام. ويعد اللبتين الهرمون المسؤول عن تقليل شهيتك، بينما الغريلين هو الهرمون المسؤول عن زيادتها. تزداد مستويات اللبتين لدى الشخص مع زيادة الوزن. وحسب الخبيرة في السمنة الدكتورة ماري دالمان من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، فإن العديد من الأشخاص الذين يعانون من السمنة تطورت لديهم مقاومة هرمون اللبتين، وهو هرمون مثبط للشهية.
يبدأ جهازك الهضمي في تحضير نفسه بمجرد رؤية الطعام أو شمه قبل أن تضع لقمةً في فمك، وهذا حسب أخصائيي الجهاز الهضمي. عندما تشرع في الأكل، تبدأ الإنزيمات في تكسير الطعام، ويزداد تدفق الدم إلى المعدة للمساعدة في الهضم. تتمدد معدتك وترسل إشارات إلى الدماغ فيتم إطلاق الهرمونات لإعلامك عندما تشبع. لكن تناول الطعام بعد الشبع يجعل الجهاز الهضمي يعمل بشكل أكثر صعوبة، مما قد يكون له بعض العواقب السلبية.
يتسبب الإفراط في تناول الطعام في تضييق معدتك المساحة المخصصة لبقية الأعضاء في منطقة البطن مما يجعلك تشعر بعدم الارتياح والغازات والخمول، وذلك حسب مركز إم دي أندرسون للسرطان. بالإضافة إلى ذلك، ينتهي الأمر بجسمك إلى إنتاج هرمونات وإنزيمات إضافية لهضم الطعام. وقد يعود حمض الهيدروكلوريك المنتج في معدتك لتفتيت الطعام إلى المريء، مما يسبب لك ارتجاعًا وحرقة في المعدة. مع ارتفاع معدل ضربات القلب، قد تشعر بالحرارة أو بالدوار عندما يتدفق المزيد من الدم إلى أمعائك لتعزيز عملية هضم الطعام.
الحقيقة: إذا تناولت سعرات حرارية أكثر مما يستهلكه جسمك، فسوف يزداد وزنك. ووفقًا لإريكا كانال، أخصائية التغذية المسجلة وأخصائية الصحة واللياقة البدنية المعتمد في الكلية الأمريكية للطب الرياضي، يستخدم جسمك السعرات الحرارية من الدهون والبروتينات والكربوهيدرات كطاقة، ويخزن الفائض في شكل دهون (حسب صحيفة سان فرانسيسكو غايت).
يؤدي الإفراط في تناول الطعام بانتظام إلى زيادة الوزن وزيادة قدرة الجسم على تخزين المزيد من الدهون. وفي دراسة نُشرت في مجلة علم وظائف الأعضاء والتغذية والتمثيل الغذائي التطبيقي، يمكن أن يؤثر أسبوع واحد فقط من الإفراط في تناول الطعام على حساسية الأنسولين ويزيد من سعة تخزين الدهون في الجسم. مع ذلك، لا يقتصر الأمر على مقدار ما تأكله، وإنما ما تأكله يمكن أن يؤثر على كمية الدهون الزائدة في جسمك.
وفقا لصحيفة سان فرانسيسكو غايت، ما يقارب 2000 سعرة حرارية إضافية من الكربوهيدرات يمكن أن تتحول إلى جليكوجين وتُخزّن في العضلات والكبد والدم. وعندما تصل إلى الحد الأقصى من سعة تخزين الجليكوجين، يخزن جسمك السعرات الحرارية الزائدة من الكربوهيدرات على شكل دهون.
وحسب دراسة نُشرت في المجلة الدولية لعلوم التمارين الرياضية، فإن السعرات الحرارية الزائدة من الدهون والكربوهيدرات النشوية والمكررة هي المسؤولة عن تخزين معظم الدهون الزائدة. في غضون ذلك، وجدت دراسةٌ نشرتها مجلة غاما أن تناول المزيد من البروتين يساعد في زيادة كتلة الجسم النحيل واستهلاك الطاقة أثناء الراحة. وهذا يعني أنه من خلال تناول المزيد من البروتين، يمكنك مساعدة جسمك على أن يصبح أكثر رشاقة ويحرق المزيد من السعرات الحرارية، حتى عندما تكون مستلقيًا. ومع ذلك، بغض النظر عما إذا كانت السعرات الحرارية الزائدة تأتي من الكربوهيدرات أو الدهون أو البروتينات، فإن الإفراط في تناول الطعام بانتظام يؤدي إلى زيادة تخزين الدهون.
يتمثل النعاس بعد الأكل، المعروف أيضًا باسم قيلولة بعد الظهر أو غيبوبة الطعام، في الشعور بالتعب والترنح بعد تناول الطعام حد التخمة. لكن هذا الشعور بالنعاس لا ينجم فقط عن مقدار ما تأكله. يمكن أن يكون أيضًا بسبب نوعية ما أكلناه وتوقيت تناوله؟ (وفقًا لموقع كليفلاند كلينيك).
لقد عشنا جميعا ذلك الشعور بعدم قدرتنا على فتح أعيننا بعد الإفراط في تناول الطعام خلال العشاء. ذلك لأن الجسم يستغرق الكثير من الوقت والجهد لهضم وجبة كبيرة. يتم تحويل المزيد من تدفق الدم إلى القناة الهضمية للمساعدة في هضم الطعام، مما يؤدي إلى الشعور بالدوار حسب موقع ذا كونفرسيشن.
يؤدي تناول وجبة غنية بالكربوهيدرات المكررة والبروتين إلى زيادة مستويات التربتوفان (وهو حمض أميني أساسي في الأطعمة مثل الدجاج والديك الرومي والحليب والجبن، الغنية بالبروتين) والسيروتونين. يمكن أن تزيد الكربوهيدرات المكررة مثل الخبز والمعكرونة والمخبوزات من مستوى السكر في الدم بشكل كبير. وإذا لم يستطع جسمك استقلاب كل الطعام الذي تناولته، فقد يؤدي ذلك إلى الشعور بالتعب وعدم القدرة على إبقاء عينيك مفتوحتين ، وذلك وفقًا لكليفلاند كلينك.
بينما يمكن للإفراط في الأكل أن يجعلك تغفو بسهولة، فقد لا تتمكن من النوم في بعض الحالات. وفقًا لكليفلاند كلينيك، فإن تناول وجبة كبيرة أو تناول الطعام في وقت متأخر من المساء أو قبل النوم مباشرة يؤثر على جودة نومك من خلال التسبب في عسر الهضم وحرقة المعدة وتعطيل إيقاع الساعة البيولوجية، وهي ساعة الجسم الداخلية. فعندما تتناول الطعام في وقت متأخر من الليل، سيكون من الصعب عليك أن تنعم بنوم هادئ (وفقًا لمركز إم دي أندرسون للسرطان).
وفي دراسة حديثة نُشرت في مجلة “ساينس”، اكتشفت نورث وويسترن ميديسين أن اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية الناجم عن الأكل في وقت متأخر من الليل والإفراط في تناول الطعام يؤثر على الأنسجة الدهنية. وفقًا للدراسة، تعد عملية التمثيل الغذائي حساسة للوقت وتكون أكثر فعالية خلال النهار من ساعات الليل.
لتجنب اضطراب النوم وزيادة الوزن، يوصي ألكسيس سوبان بالانتظار لمدة ثلاث ساعات على الأقل بعد تناول الطعام قبل النوم (وفقًا لكليفلاند كلينيك). يمنح هذا جسمك وقتًا كافيًا لهضم الطعام وتجنب الإصابة باضطراب أو حرقة في المعدة.
وفقًا لكليفلاند كلينيك، فإن الجوع هو مجرد سبب واحد من الأسباب العديدة التي تدفعنا لتناول الطعام. تتدخل في هذه العملية عوامل تطورية: في عصور ما قبل التاريخ، كان البشر يأكلون قدر الإمكان عندما كان الطعام وفيرًا في الصيف والخريف استعدادًا لفصل الشتاء حين يكون الطعام أكثر ندرة. لذلك، يلعب المكان الذي نعيش فيه وخلفيتنا الثقافية وتقاليدنا العائلية ووضعنا الاقتصادي دورًا فيما نأكله.
الطعام هو الطريقة التي نتواصل بها مع الآخرين، ونحتفل بها، ونريح أنفسنا. ففي بعض الأحيان نأكل للترفيه عن أنفسنا. وفي أوقات أخرى نأكل فقط من أجل تذوق الطعام. مع ذلك، يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول الطعام إلى بعض مشاكل الجهاز الهضمي الخطيرة، بغض النظر عن السبب الذي يدفعنا لذلك.
وفقًا لموقع هيلث لاين، يزيد الإفراط في تناول الطعام المزمن من خطر الإصابة بمشاكل الجهاز الهضمي المزعجة والمحرجة. يمكن أن يسبب الإفراط في تناول الطعام عسر الهضم والشعور بالغثيان. إذا لم تتلق علاج، يمكن أن تنتقل الحالة إلى مرحلة القيء. يمكن أن يسبب إرهاق الجهاز الهضمي الغازات والانتفاخ، لاسيما عند الإفراط في تناول الأطعمة الحارة أو الدهنية، مما قد يكون مزعجًا ومحرجًا في الوقت ذاته.
عندما تصل معدتك إلى أقصى طاقة استيعابها، يمكن أن يتسبب ذلك في أن يصعد حمض الهيدروكلوريك المسؤول عن تكسير الطعام إلى المريء مما يؤدي إلى الشعور بحرقة في المعدة أو ارتداد الحمض. تتمدد معدتك إلى أسفل على حساب أعضاء البطن الأخرى مما يجعل معدتك بارزة، لتبدو مثل امرأة حامل في أشهرها الأولى (وذلك وفقًا لمركز إم دي أندرسون للسرطان).
يمكن أن يؤثر الوزن الزائد بسبب الإفراط في الأكل على مستويات الخصوبة، مما يجعل الإنجاب أكثر صعوبة. وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة علم الغدد الصماء والتمثيل الغذائي، كانت النساء ذوات الوزن الزائد أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة تكيس المبايض – وهي من الأسباب الرئيسية للعقم. كما تقول عيادة كليفلاند إنه من المرجح أيضًأ أن يعانين من مشاكل هرمونية قد تمنع الإباضة، وخاصة إذا كان الوزن الزائد في منطقة البطن.
قد يتسبب الإفراط في تناول الطعام في مشاكل العقم لدى الرجال أيضا. فقد وجدت دراسة نشرتها كلية هارفارد للصحة العامة في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية أن “الرجال الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة كانوا أكثر عرضة من أقرانهم ذوي الوزن الطبيعي لإنتاج عدد أقل من الحيوانات المنوية، أو حتى عدم إنتاج أي حيوانات منوية”. ويمكن أن يتسبب الوزن الزائد أيضًا في حدوث اختلالات هرمونية لدى الرجال مما يؤدي إلى زيادة مستويات هرمون الإستروجين وانخفاض مستويات الإنهيبين ب والأندروجين، وهي هرمونات مسؤولة عن إنتاج الحيوانات المنوية. كما أنه يزيد من درجة حرارة الجسم لا سيما حول كيس الصفن، مما قد يؤثر على قوة الحيوانات المنوية وعددها وإنتاجها، (وذلك وفقًا لمدونة بين ميديسين).
وفقًا لجامعة تافتس، قد نفرط في الأكل حتى بعد الشبع عند تشتت الانتباه أثناء مشاهدة التلفزيون أو تصفح منصات التواصل الاجتماعي، وقد يحدث ذلك أيضًا مع الشعور بالتوتر أو التعب أو الملل أو حينما يضغط علينا الآخرون لتناول المزيد. في بعض الأحيان، ننتظر وقتًا طويلاً قبل الوجبات مما يجعلنا نأكل أكثر من العادة. وبعض الأطعمة تسبب الإدمان لدرجة أننا لا نستطيع منع أنفسنا حرفيًا من تناولها، كما أن بعض الأطعمة لا نتناولها إلا خلال العطلات أو في المناسبات الخاصة. للأسف، مع تكرار الإفراط في الطعام فهناك فرصة كبيرة بأن تتأثر الصحة.
يعرّف المعهد الوطني للقلب والرئة والدم متلازمة التمثيل الغذائي أو متلازمة مقاومة الأنسولين بأنها “مجموعة من الحالات مجتمعةً قد تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي والسكري والسكتة الدماغية وغيرها من المشاكل الصحية الخطيرة”. ووفقًا للمعهد، فقد تكون مصابًأ بمتلازمة التمثيل الغذائي إذا كان لديك ثلاث حالات أو أكثر من الحالات التالية: الدهون الزائدة في البطن وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات السكر في الدم والدهون الثلاثية وكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة، وانخفاض مستويات كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة.
ووفقًأ لموقع مستشفى جونز هوبكنز، يمكن كذلك أن تزيد متلازمة التمثيل الغذائي من خطر الإصابة بمتلازمة تكيس المبايض والكبد الدهني وحصوات المرارة. ولكن لحسن الحظ يقول المعهد الوطني للقلب والرئة والدم إن معظم أسباب متلازمة التمثيل الغذائي مرتبطة بنمط الحياة ويمكن عكسها.
حسب مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن زيادة الوزن أو السمنة يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بأنواع السرطان مثل سرطان الثدي والقولون والمريء والمرارة والكلى والكبد والورم السحائي في الدماغ والورم النخاعي المتعدد في خلايا الدم البيضاء، وكذلك سرطانات المبيض والبنكرياس والمستقيم والمعدة والغدة الدرقية والرحم.
ذكرت دراسة نُشرت في مجلة “سي إيه: مجلة السرطان للأطباء” أن زيادة الوزن أو السمنة كان السبب وراء 7 إلى 8 بالمئة من إصابات السرطان في بعض البلدان الغربية ذات الدخل المرتفع وفي دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، وتزيد الخطورة لدى النساء بأكثر من ضعف الحالات.
كيف تسبب الدهون السرطان؟ يُعتقد أن الخلايا الدهنية والاختلالات الهرمونية وزيادة مستويات الأنسولين وكذلك تلف الحمض النووي الناجم عن الإجهاد التأكسدي قد يؤدي إلى نمو بعض هذه السرطانات. وكما هو الحال مع متلازمة التمثيل الغذائي، يشير المعهد الوطني للسرطان أنه يمكن منع بعض هذه الأنواع من السرطان عن طريق إجراء تغييرات صحية في نمط الحياة.
حسب المقولة الشهيرة “أنت تأكل لتعيش، ولا تعيش لتأكل” وهي نصيحة سليمة، وقد يكون من الأسهل تطبيقها إذا كنا لا نأكل الطعام إلا في حالة الجوع فعلًا وليس عندما نعتقد أننا جوعى.
وفقًأ لـ “هيلث لاين”، يوجد نوعان من الهرمونات المسؤولة عن تنظيم الجوع وهي الغريلين واللبتين. بشرح مبسط، يرسل الغريلين الإشارات إلى العقل عند الجوع، ويتيح اللبتين للعقل معرفة متى تشعر بالشبع. لكن الإفراط في تناول الطعام بشكل منتظم وخاصة الأطعمة المسببة للإدمان التي تحتوي على الكثير من الدهون والملح والسكر، يتسبب في اضطراب فترات الانتظار بعد الجوع والشبع.
وحسب دراسة نُشرت في مجلة “فرونتيرز إن سايكولوجي”، عندما نتناول هذه الأطعمة المسببة للإدمان ينتج الجسم هرمون الدوبامين الذي يسبب الشعور بالسعادة مما ينشط مراكز المكافأة والمتعة في الدماغ. وإذا واصلنا تناول هذه الأنواع من الأطعمة بشكل منتظم، فإن الدوبامين سيقلل من فترة الانتظار بعد الشبع ويؤدي إلى مقاومة اللبتين، مما يؤدي لدورة من الإفراط في تناول الطعام واكتساب الوزن.
من الطبيعي أن يحدث فقدان في الذاكرة مع التقدم في العمر، لكن قد يؤدي الإفراط في تناول الطعام إلى تسارع تدهورها خاصة عند كبار السن. تشير دراسة نُشرت في مجلة “نيورولوجي أوف ديزيز” أن زيادة الدهون في الجسم وعدم توازن الأنسولين في الدم وبكتيريا الأمعاء تساهم في تضييق الشرايين الوعائية مما يؤدي إلى انخفاض تدفق الدم إلى الدماغ. وفي دراسة أخرى نُشرت في المجلة الاسكندنافية لعلم النفس، تنخفض الذاكرة الدلالية أو طويلة المدى لدى البالغين الذين يعانون من زيادة الوزن.
وفقًا لجمعية القلب الأمريكية، فإن زيادة الوزن قد تزيد أيضًا من فرص الإصابة بالخرف، وحسب موقع “ساينس دايلي” صرح الباحثون في دراسة نشرتها مجلة مرض الزهايمر عن تصوير الدماغ أنه “مع ارتفاع وزن الشخص، ينخفض النشاط وتدفق الدم في جميع مناطق الدماغ”. ووفقًا لموقع “هارفارد هيلث” يؤثر ما نأكله على وظائف المخ أيضًا، حيث أظهر الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا غنيًا بالسكر والأطعمة المصنعة انخفاضًا في وظائف المخ.
حسب موقع “هيلث لاين” هذا ليس مفاجئًا، فقد يؤثر الإفراط في تناول الطعام بصورة سلبية على صحتك العقلية. من لم يواجه مشاعر الذنب أو الندم بعد الإفراط في تناول الطعام أو تناول شيء “مضر”؟ وفقًا لدراسة نُشرت في “فرونتيرز أوف سايكولوجي” يتزايد خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق لدى أصحاب الوزن الزائد، ويتضاعف الخطر إذا كانوا مصابين بمرض السكري كذلك. وتشير نفس الدراسة إلى أن الاكتئاب والإفراط في تناول الطعام هما اتجاهين في طريق واحد: يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول الطعام إلى الاكتئاب، ويؤدي الاكتئاب إلى الإفراط في تناول الطعام.
أظهرت دراسة نُشرت في “فرونتيرز أوف سايكولوجي” أن انخفاض مستويات اللبتين – الهرمون الذي يثبط الشهية – ارتبط بالاكتئاب واضطراب الاكتئاب الشديد. وبصرف النظر عن كمية الطعام التي نأكلها، فإن ما نأكله يؤثر أيضًا على مزاجنا. يقول موقع “هارفارد هيلث” إن اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة المصنعة والسكر يمكن أن يسبب تفاقم أعراض الاكتئاب.
إذا بالغت مرة أخرى في تناول الطعام وقت العشاء رغم محاولاتك للمقاومة، فماذا يمكنك أن تفعل لتخفيف الغازات والانتفاخ وعدم الراحة؟ وفقًا لموقع “هيلث لاين”، يمكن أن تساعد المشروبات العشبية مثل النعناع والبابونج والزنجبيل في الحفاظ على الترطيب وتقليل أحماض المعدة وأعراض الغثيان وكذلك في تخفيف الإمساك، ويُنصح كذلك بشرب الماء الدافئ مع نصف ملعقة صغيرة من صودا الخبز أو عصير الليمون. يمكن كذلك أن يساعد تناول حلوى الزنجبيل أو النعناع في تخفيف حموضة المعدة.
وحسب موقع “بيدمونت هيلث كير”، قد تشعر بالرغبة في أخذ قيلولة إلا أنه يجب عليك التحرك. يمكن أن يساعد المشي بعد الطعام في تسريع عملية الهضم، وتعتبر المكملات الغذائية التي تحتوي على البروبيوتيك مفيدة أيضا في هذه الحالة. ومع أنها قد تبدو نصيحة بديهية، إلا أنه يتوجب عليك التخطيط لوجباتك التالية، ومقاومة الرغبة في تخطي الوجبات لكي “تعوض” عن جميع السعرات الحرارية التي تستهلكها أو أن تستلم تمامًا بما أنك أفسدت نظامك الغذائي على أية حال. حاول أن تتناول شيئًا يسهل هضمه مثل الحساء، وأن تخطط لوجبات صحية ومتوازنة من البروتين قليل الدهون والكربوهيدرات الصحية مثل الفواكه والخضراوات.
عوضًأ عن التعامل مع زيادة الوزن وعسر الهضم الذي يصاحب الإفراط في تناول الطعام، لماذا لا تتخطى كل ذلك؟ قد يساعد على ذلك الأكل الواعي أو “تنمية الوعي بتجاربك وإشاراتك الجسدية ومشاعرك المتعلقة بالطعام” وفقًا لموقع “هيلث لاين”.
حتى تبدأ بممارسة الأكل الواعي، قم بإزالة عوامل التشتيت أثناء الوجبات. أظهرت دراسة نُشرت في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية أن تناول الطعام دون تفكير كما هي الحال أثناء مشاهدة التلفزيون أو تصفح منصات التواصل الاجتماعي، فإن ذلك يزيد من كمية الطعام التي نتناولها بسبب تشتيت الانتباه عن مؤشرات الشبع.
تناول الطعام ببطء واستمتع بوجبتك. انظر إلى الطعام على طبقك وشُمّه قبل تناول أي لقمة. لاحظ نكهة الطعام ودرجة حرارته وملمسه في فمك، ثم امضغه جيدًا. اترك أدوات المائدة من يدك ما بين اللقيمات. فقد أظهرت دراسة نشرتها مجلة “بي إم جي” للبحث المفتوح لأمراض السكري ورعايتها، أن الوتيرة الأبطأ تقلل من الكمية التي تأكلها من خلال منح المعدة وقتًا كافيًا للإشارة إلى الدماغ بأنها ممتلئة.
وتوصي عيادة كليفلاند بالعثور على نقطة “هارا هاتشي بو” الخاصة بك، وهي عبارة يابانية تتعلق بتناول الطعام بسعة 80 بالمئة من معدتك. لكن كيف تشعر بنقطة “امتلاء 80 بالمئة”؟ وفقًا لعالمة النفس سوزان ألبرز يجب أن تشعر بالشبع وأنك لم تعد جائعًا، ولكن ليس ممتلئًا لدرجة أنك لا تستطيع تناول لقمة أخرى. قد يتطلب الأمر بعض الممارسة وهي توصي بالبدء بترك بعض الطعام على طبقك.
نانسي بوردو – هيلث دايجست
ترجمة وتحرير: نون بوست