نشر موقع «المنتدى الاقتصادي العالمي» مقالًا لوليام جالوس، أستاذ علوم الغلاف الجوي بجامعة ولاية آيوا للعلوم والتقنية، أوضح من خلاله ماهية ظاهرة القبة الحرارية، وكيف يمكن أن تحدث، وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر في صحة الإنسان.
نقاط رئيسة
تحدث ظاهرة القبة الحرارية عندما تتسبَّب منطقة ضغط جوي مرتفع في طبقات الجو العالية في حبس الحرارة فوق منطقة ما.
عادةً ما يؤدي نمط الطقس الثابت إلى انخفاض سرعة الرياح وزيادة معدلات الرطوبة.
يمكن أن تتأثر صحة الإنسان تأثُّرا بالغًا بسبب تشكُّل القبة الحرارية؛ لأنها تؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض ارتفاع درجة الحرارة، ومن ثم زيادة معدلات الوفيات؛ لأن الناس لا يمكنهم تبريد أجسادهم على النحو المناسب.
وفي بداية تقريره يُشير الكاتب إلى أن ظاهرة القبة الحرارية تحدث عندما تتسبَّب منطقة ضغط جوي مرتفع في طبقات الجو العالية في حبس الحرارة فوق منطقة ما. ويمكن أن تمتد القبة الحرارية عبر عدة دول وتستمر من أيام إلى أسابيع؛ مما يجعل الناس والمحاصيل والحيوانات الموجودة تحت ظلال هذه القبة الحرارية يعانون من ثبات الطقس، والهواء الساخن، الذي يجعلك تشعر وكأنك في فرن.
وترتبط القباب الحرارية بسلوكيات التيار الهوائي النفَّاث، وهو عبارة عن مجموعة من الرياح السريعة العالية في الغلاف الجوي، والتي تمتد عمومًا من الغرب إلى الشرق. وعادةً ما يكون للتيار الهوائي النفَّاث نموذج صاعد وهابط كالموجة، يتعرج شمالًا، ثم جنوبًا، ثم شمالًا مرةً أخرى. وعندما تصبح هذه التعرجات في التيار الهوائي النفَّاث أكبر حجمًا، فإنها تتحرك بصورة أبطأ، ويمكن أن تصبح ثابتة راكدة. وهذه هي تحديدًا اللحظة التي يمكن أن تتشكل فيها القباب الحرارية.
ويوضح الكاتب أنه عندما يتقلب التيار الهوائي النفَّاث بعيدًا للوصول إلى الشمال، يتراكم الهواء وينخفض. وأثناء انخفاضه تزداد درجة حرارة الهواء ويسخن، كما أن الهواء المنخفض يُبقي السماء صافية لأنه يُقلل من معدلات الرطوبة. وهذا الأمر يسمح للشمس بتهيئة ظروف أكثر حرارة وسخونة بالقرب من الأرض.
وإذا كان الهواء القريب من الأرض يمر فوق الجبال ويهبط، فقد يصبح أكثر سخونة. وقد لعب هذا الاحترار المنحدر دورًا كبيرًا في ارتفاع درجات الحرارة بدرجة كبيرة في شمال غرب المحيط الهادئ خلال حدوث ظاهرة القبة الحرارية في عام 2021، عندما سجَّلت واشنطن رقمًا قياسيًّا لدرجة حرارة الولاية عند 120 درجة فهرنهايت (49 درجة مئوية)، ووصلت درجات الحرارة إلى 121 درجة فهرنهايت في مقاطعة كولومبيا البريطانية الموجودة في كندا، متجاوزًا الرقم القياسي الكندي السابق بمقدار 8 درجات فهرنهايت (4 درجات مئوية).
كيف تؤثر القبة الحرارية في الإنسان؟
يلفت الكاتب إلى أن القباب الحرارية عادةً ما تستمر لعدة أيام في مكان واحد، لكنها يمكن أن تستمر لمدة أطول. ويمكن لهذه القباب أيضًا التحرك والتأثير على المناطق المجاورة على مدار أسبوع أو أسبوعين. وقد زحفت القبة الحرارية المتضمنة على موجة الحر، التي شهدتها الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) 2022، شرقًا مع مرور الوقت.
وفي حالاتٍ نادرة يمكن أن تصبح القبة الحرارية أكثر ثباتًا. وهذا ما حدث في السهول الجنوبية عام 1980، عندما مات حوالي 10 آلاف شخص خلال أسابيع بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الصيف. كما حدث ذلك خلال سنوات «قصعة الغبار (وهي موجة من العواصف الترابية الشديدة التي ألحقت أضرارًا بالغة بالبيئة والزراعة)» التي شهدتها الولايات المتحدة في الثلاثينيات من القرن الماضي.
ويؤكد الكاتب أن القبة الحرارية يمكنها أن تؤثر في صحة الناس تأثيرًا خطيرًا لأن نمط الطقس الثابت، الذي يسمح بوجودها، عادةً ما يؤدي إلى ضعف سرعة الرياح وزيادة معدلات الرطوبة. ويُسهم كلا العاملين في ارتفاع درجة الحرارة وجعلها أكثر خطورة؛ لأن جسم الإنسان لا يبرد بالقدر نفسه عن طريق التعرق.
ويستخدم مؤشر الحرارة، وهو مزيج من الحرارة والرطوبة، غالبًا للإبلاغ عن هذا الخطر من خلال الإشارة إلى درجة الحرارة التي يشعر بها معظم الناس. كما تؤدي نسبة الرطوبة المرتفعة إلى التقليل من كمية تبريد الأجسام في الليل. ويُمكن أن تتسبب الليالي الدافئة في أن يصبح الأشخاص، الذين ليس لديهم تكييف هواء، غير قادرين على تبريد أجسامهم؛ مما يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض ارتفاع درجة الحرارة، ومن ثم زيادة معدلات الوفيات. وفي ظل الاحتباس الحراري العالمي أصبحت درجات الحرارة أعلى بالفعل كذلك.
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن أحد أسوأ الأمثلة الحديثة على تأثيرات القبة الحرارية مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة شهدتها الولايات المتحدة في صيف عام 1995، عندما توفي ما يُقدر بحوالي 739 شخصًا في منطقة شيكاغو خلال خمسة أيام.
ساسة بوست