سلعةٌ أم مِنعةٌ

ناصر علي – خاص الناشر |

تزدحم شوارعنا بلوحات الدّعاية والإعلانات. سِلَعٌ من شتّى الأنواع والخدمات، لا تزيد قيمتها مهما غلا ثمنها عن حاجة الاستهلاك، لكن كلّ العجب أن تصبح المرأة السّلعة الأولى الّتي يُتاجَر بها قبل كل السّلع الّتي يُرَوّج لها، وأضحى العُرف أنّك إذا ما أردت إنجاح عمليّة التّسويق لمُنتجك، فلا بد لك من صورةٍ لامرأة كي تجذب الزّبائن.

صورةٌ تُطبع بمئات النُسخ وتُنشر للدّعاية، ثمّ تُرمى في المهملات، يا لهذه القيمة السّامية الّتي تُعطى للمرأة!

مهما حوى هذا الجسد من جمال، فإنّ كلّ ثمينٍ لا يُباع بمالٍ زهيدٍ، فلماذا يُفرّط بهذا الجمال كُرمى لعيونٍ تلتذّ بهوى النّفس والمصلحة الشّخصيّة؟ ولماذا يجب على المرأة أن تستسلم لِريح الطّمع الّتي ستكسر حياءها وعفّتها وقيمتها الإنسانيّة بل وحتّى ستستحقرها؟

العار لمن سيُذكر في التّاريخ بوضاعة. فلربّما قرأنا أسماء طواغيت وسفلة وحثالةٍ من النّاس لم يزد ذلك على حقارتهم إلّا حقارة. وللعبرة فالمرأة ليست من كوكب الدّونيّة، خُلِقَت في خدمة البشريّ، إنّما هي الإنسان قبل الأنثى، والأنثى في طور الكمال، إنْ هُدِمَت قيمتها فلا قيمة بعد للإنسان، من يصنع الورق هو إنسان، من يصنع أيّ شيء هو الإنسان، فكيف بمن يصنع إنسانًا أليس هو الإنسان بل وأعظم إنسان؟!

عندما يكون الرّجل درعًا حصينًا ستنمو زهرة الحياء في تلك الجميلة بحريّةٍ وأمان وسيقوى عودها حتّى تكبر داخل ذلك الحصن وتعمر الديار بالخير الوفير.

المجتمع البشريّ بحاجةٍ ماسّةٍ للتّطوّر والرّقيّ المادّيّ والمعنويّ بشكلٍ متوازٍ، وبهذا يتحقق التّحضّر والعمران وسعادة البشر. وكما أنّ الحرب بدأت من جبهة المرأة لأنها حجر الأساس في بناء المجتمع، فإنّ المواجهة يجب أن تبدأ من ساحتها، فلا تجرّها العاطفة إلى حيث اللّا عاطفة، بل يجب أن تتحرّك بعاطفتها على هدى القيم والمبادئ السّليمة، فإنّ ذلك سيحقّق التقدّم لكلّ المجتمع بأفراده وتنتظم علاقته بسائر المخلوقات من حوله بصورةٍ أنصع تحفظ جمال المرأة وكمالها وعاطفتها وتصون روح الإنسان في كِلا الجنسين وهذا هو التّطوّر حقيقةً.