مساعدات سعودية مزعومة للبنانيين.. فأين ذهبت؟

منذ سنوات طوال والسعودية تدفع الأموال في لبنان. هذا ما نقرأة ونسمعه في وسائل الإعلام، لا سيما في السنوات الخمس عشرة الأخيرة. فما هي قيمة هذه المساعدات؟ وإلى من ذهبت؟ وأين هي الآن؟

تساعد السعودية لبنان إنسانياً عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، حيث قدم هذا المركز بحسب الأرقام الواردة في موقعه الرسمي، من عام 2006 إلى يومنا هذا 900 مشروع إنمائي بما تقدر قيمته بــ 2.7 مليار دولار، أي بمعدل 30 مليون دولار للمشروع الواحد.

ومن اللافت أن هذا المركز قدم في آخر 3 سنوات 1.6 مليار دولار أي ما يزيد عن نصف المبلغ الذي دفعه في آخر 15 عامًا. واللافت أكثر أنه في عام 2019 وحده أنفق مليارًا و51 مليون دولار. ومن الطبيعي هنا أن يسأل المتابع الكريم ويستفسر عن الأمور التي أنفقت عليها هذه الأموال.

للإجابة عن هذا السؤال لا بد من عرض 5 مؤشرات توضح الصورة، وجميع أرقام هذه المؤشرات هي حصرًا للفترة الزمنية الممتدة من 2019 إلى 2021، وهذه المؤشرات سنعرضها من حيث عدد المشاريع التي أنجزت، وكذلك المبالغ التي أنفقت عليها، وهي على الشكل التالي:

  • الأمن الغذائي، 184 مشروعًا بقيمة 629 مليون دولار.
  • تنسيق الإغاثة الإنسانية والطوارئ، 4 مشاريع بقيمة 191 مليون دولار.
  • التغذية، 7 مشاريع بقيمة 102 مليون دولار.
  • الصحة، 211 مشروعًا بقيمة 316 مليون دولار.
  • التعليم، 25 مشروعًا بقيمة 64 مليون دولار.

وبالحديث عن المناطق التي استهدفها المركز في لبنان، فهي بطبيعة الحال تقع في المناطق ذات الطابع السنّي وأبرزها (طرابلس، عكار، صيدا، بيروت، عرسال)، التي أبناء معظمها ينتمون للأسر الفقيرة وذات الدخل المتوسط الذي يسألون عن المشاريع التي أنشأتها السعودية، وأين هي اليوم.

لكي تكون الإجابة دقيقة لا بد لنا أن نأخذ منطقة من المناطق التي يدعمها المركز كعينة يمكن تعميمها على باقي المناطق. وسنتخذ من مدينة طرابلس شاهدًا، فإذا قصدت هذه المدينة وسألت عن مركز الملك سلمان فالكثير منهم سيجيب مستغرباً: ما هو هذا المركز؟ وماذا يقدم؟ وإذا كان قد سمع به فيقول إنه تلقى صندوق معونة غذائية أو قارورة ماء، والذي يعتبر نفسه من النخب وضليعًا بالشأن الاجتماعي يتحدث عن مشاريع دُشنت ولم تبصر النور أو مشاريع أنشئت وتم تفعيلها ولكن سيطرت عليها الأحزاب النافذة في المنطقة، أو أصبحت ملكًا خاصًا ولم تعد مجانية. ومن أبرز الأمثلة على هذه المشاريع المراكز الصحية ومنها مركز لغسيل الكلى لم يتم افتتاحه لغاية اليوم، وكذلك مركز لعلاج مرضى السرطان تحول إلى مركز خاص يتقاضى بدلًا ماديًا مقابل تقديم العلاج.

ومن أبرز مظاهر الفشل هو حفر الآبار الارتوازية التي لم يستفد منها أبناء المنطقة وذهبت أموالها هدراً، أو إلى النافذين الذين يدورون بفلك المملكة، وهذا ما جعل الأخيرة تقفل حنفيتها على أتباعها لفشلهم الذريع بتلبية مطالبها السياسية وكذلك لنهبهم أموالها المقدمة للإنماء، بحيث إن السعودية قامت بدفع 33 مليون دولار فقط في 2021 بعدما كانت قد قدمت 548 مليون في 2020 ومليارًا و50 مليونًا في 2019. ومن الملاحظات اللافتة عدم إنفاق المملكة دولارًا واحدًا على تنسيق الإغاثة الإنسانية والطوارئ عام 2021 رغم حصول حوادث عدة منها حادثة التليل الأليمة، ولم تنفق كذلك على التغذية، في وضع يحتاج فيه اللبنانيون إلى أي دعم ليحصلوا على الغذاء.

وبالمحصلة هذه الأموال المعلنة التي دفعتها السعودية هي طبعاً أقل بكثير من الأموال الإجمالية التي دفعتها المملكة في لبنان، فأين ذهبت هذه الأموال؟ وأين هي هذه المشاريع فعليًا على الأرض إذا لم يلمسها أبناء المناطق التي أنفقت فيها؟ تراها ذهبت لحلفائها الذين فشلوا بمهامهم؟ أم إلى الثوار الجدد؟ فمن حق الفقير في الطائفة السنية الكريمة أن يسأل وهو يشاهد هذه الأرقام، أين هي هذه المساعدات التي فرزت على اسمه؟

وعليه، لماذا تستغرب المملكة إذا خرج الخطباء للمطالبة بالنفط الإيراني ولم يحصلوا على قطرة نفط واحدة من مملكتهم؟ لماذا تتفاجأ بشكر أهالي التليل العكارية لحزب الله على مساعدته لهم؟ الجواب بسيط وتعرفه جيدًا وقد كتبه أحد كتابها الجهابذة قائلًا: “هذا ما قدمته السعودية للبنان فماذا قدمت إيران؟”، فالجواب أصبح واضحًا لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين ومن كل المناطق، فقد أصبحوا يعلمون جيداً ماذا قدمت السعودية لهم وماذا تقدم إيران.

اساسيالسعوديةعكارلبنان